تناقلت المواقع أخبار موت خمسة من أهم اساتذة الجامعات اليمنية في أسبوع واحد.. وتحت سحب الحزن الأسود اغرتني نفسي بالتساؤل، وما أعجب هذه النفس الآبقة التي تبحث عن تفسير لكل شيء! هل يمكن للإنسان أن يختار قرار موته (لاشعوريا)؟ وهل أوطاننا المنهارة وأحلامنا المذبوحة على قرابين مسوخ الكهوف سبب في زيادة حالات الموت المفاجيء التي نقرأ عنها كل يوم؟ سجل العلماء ظاهرة نعرفها جميعا وهي أن المتزوجين لفترة طويلة قد يموتون متتابعين بفارق زمني بسيط (عدة شهور). و أطلقوا على هذه الظاهرة (متلازمة القلوب المحطمة HeartbrokenSyndrome). إن رحيل شريك العمر يسبب احباطا و آلاما نفسية وجسدية واضطرابات قد تؤدي الى الموت. ويبدو أن هناك قدرة لاشعورية ما تستطيع إرسال أمر الموت الى الدماغ فيلحق الشريك شريكه المتوفي وفاء لمقولة (لم تعد لي حياة من بعدك ) التي اتضح أنها ليست عبارة عاطفية بقدر ما هي حقيقة فاجعة. هل يمكن تعميم هذه الظواهر المعروفة طبيا على المستوى الجماعي. وهل ينحو الناس في الاوطان المنهارة الى الوفاة بنفس الطريقة؟ فإذا كان الشخص المفجوع برحيل شريكة عمره يموت بعدها بفترة وجيزة؛ فهل يحدث هذا للمفجوعين بانهيار أوطانهم واحلامهم وحيواتهم البسيطة؟ هل هناك متلازمة هي (متلازمة الأوطان المنهارة) يمكن من خلالها تفسير هذا الموت بالجملة؟ أليس الموت الكثيف والنشيط في أوساط "الطبقة الوسطى" اليمنية، شبابا وكهولا وبدون أعراض مرضية، بعد انهيار عالمها بسبب الحرب والانقلاب وسقوطها في هوة الفقر والمهانة هو النتيجة لسقوط عالم كانت ترى فيه سببا للحياة، وظهور عالم لا تجد فيه نفسها ولا تحس فيه بجدوى البقاء؟ ... قلوبنا محطمة أيها الوطن الذي احببناك ولعناك.. وتبدو الحياة اليوم بدونك صعبة كالموت.
