الجمهور اليمني غاضب من الدراما المحلية وهذا طبيعي. لقد تطورت ذائقته بعد أن صار يشاهد ارقى نماذج الدراما العالمية والعربية، بينما لا يزال المنتج اليمني يتعامل معه بعقلية "دحباش" و"ابو الريش". الايجابي في الامر هو انكشاف الدور السلبي الذي يلعبه المنتجون ومدراء القنوات في استمرار الدراما الهابطة التي رفضها الناس هذه السنة بعد أن كانوا قد تسامحوا مع اخطائها في السنوات الماضية لعل وعسى. مشكلة المنتج/مدير القناة اليمني انه يريد ان يلعب دور "الزعيم الضرورة" فيضع الأفكار ويؤلف ويعتدي على حقوق الناس فينسب السيناريو والحوار لنفسه، ويختار الممثلين ووقت التصوير والميزانية والترويج وكل شيء. كان السبكي في مصر قد كرس لدراما الخلطة السبكية (راقصة، مطرب شعبي، بلطجي، عشوائيات، كوميديا بذيئة)، وانتقلت الايديولوجيا السبكية الى المنتج اليمني على هيئة (بطل أهبل، زوجة متسلطة، صراخ، كوميديا مصطنعة، blackfacing، وقليل من الميلودراما والدموع). هناك استغفال واضح للمشاهد حتى في الأعمال ذات الميزانيات الكبيرة مثل "ليالي الجحملية". كنا نتوقع ان تكون القصة حول تفاعل الشخصيات الإنسانية داخل منطقة اجتمعت فيها شخصيات تمثل كل التنوع الاجتماعي اليمني، لكننا وجدنا بدلا عن ذلك قصصا مفككة بلا هدف، ومشاهد طويلة بلا معنى، وإخراج فهلوي يعتمد على اللقطة العامة (90% من المشاهد على الأقل هي لقطات عامة لا تظهر فيها انفعالات الممثلين وهذا سبب ضعف اندماج المشاهد مع الاحداث والشخصيات، وعندما تظهر الشخصيات في لقطة قريبة لا يكون لها علاقة بالعامل الدرامي وانما بضرورات القطع والمونتاج). لن انتقد بقية المسلسلات لأنها مرت بظروف صعبة وتم عرقلة عملها في مناطق سيطرة الحوثي مما اضطرها الى الهرب للتصوير في عدن. لكن هربها لم ينقذها من تداعيات النص الضعيف ولا من تسلط "المنتج/الزعيم الضرورة". النص الضعيف، والمنتج "بتاع كله" عائقين كبيرين أمام دراما تحترم المشاهد... وشهركم كريم..