عادت الحرب إلى حدود إيران مرة أخرى، وهي التي اتخذت سياسة النفوذ العابر للحدود من خلال ميلشيات محلية تتبعها تخطيطا وتمويلا منذ انتهاء حربها مع العراق نهاية الثمانينات . هذه المرة أصبحت حدودها الشرقية مع أفغانستان والشمالية مع أذربيجان متوترة، فهل الخليج قادر أن يهز حدودها الغربية؟ في الوقت الذي يتراجع النفوذ الإيراني في وسط آسيا وأفريقيا ؛ تحاول طهران تعزيز ذلك التراجع بنفوذ في الجزيرة العربية فهي ترى أن الثمن لذلك النفوذ سهلا وآثاره كبيرة لصالحها. تعتقد إيران أن أي اتفاق مع السعودية بشأن اليمن حاليا هو انتصار، ولذلك ترفع سقف التفاوض بدعم أكبر للحوثيين. تستعجل طهران هزيمة الرياض في اليمن، فالوقت ليس في مصلحتها فهناك نار مشتعلة على حدودها. ربما الرياض قد تتلاعب بالوقت بشأن أي اتفاق مع الحوثيين على حساب نفوذها في اليمن، فأي تصعيد ضد إيران في المنطقة قد يدفع الحوثيين لتقديم تنازلات،أما لو استغلت الرياض اللحظة ستوجه ضربة موجعة لطهران. الفرصة الجديدة للسعودية لاضعاف نفوذ إيران في اليمن الذي جاء على حساب نفوذها ؛ أصبحت مواتية وقد لا تتكرر . فبقدر ما ترى إيران أن تقدم الحوثيين في اليمن استراتيجية للسيطرة على الخليج ؛ بقدر ما ترى أن هذه الجبهة آمنة لها من أي ارتدادات، فهي تعتقد أن دول الخليج لا يفضلون التصعيد معها. مع تطورات الأوضاع على حدود إيران، يصبح أي تنازل خليجي لطهران في اليمن ضربا من الغباء ، بل العكس يمكن للسعودية أن تستغل الفرصة وتسدد في مرمى إيران بالطريقة التي تحب، فهزيمة الحوثيين في هذا التوقيت بالضبط سينهي أي أمل إيراني بثروات الخليج النفطية ويقضي على حلم السيطرة على المقدسات.