هذا الفريق الكروي تعبير خالص عن الإرادة اليمنية العنيدة، يولد اليمني مقاتلًا في جبهة الحياة بالفطرة، لا يعول على أحد ولا يستند لشيء سوى ذاته. لاعبين بسحنتهم السمراء وأجسادهم النحيلة، صنعوا بهجة تاريخية لليمنيين. هناك شيء معنوي في أعماق هذا الفريق هو ما صنع النصر، الأمر يتجاوز المهارة والذكاء الكروي أو حتى التدريب الجيد، ويعكس دافع وجودي صلب، رغبة صميمية في إثبات الذات، وقد فعلوا. يصدق فيهم قول الشاعر: تُصارِعُهُ الدُّنيا .. تُحاوِلُ كَسرَهُ ولَكِنَّهُ - يا رَبُّ - صَعبٌ علَى الكَسرِ هذا هو اليمني اليوم، وفريقه الناشئ. لا أظن هذا الفريق القادم من قرى ريفية بعيدة وشعاب مهملة وبيئة تفتقد لأبسط مستلزمات التدريب، لا أظنهم قد حصلوا في مسيرتهم الناشئة على أجواء مماثلة للتأهل مثلما حصل عليه منتخبات باقي البلدان، بما في ذلك سوريا؛ لكنهم عوضوا شحة الظروف وقسوتها، بيقين داخلي بقدرتهم على تحطيم القيود الطبيعية والوقوف هناك على عتبة النصر. أرى من خلف أكتاف هؤلاء الأبطال، ضوء يُبشر بولادة جديدة لمنتخب اليمن، يتوجب الحفاظ على هذا الفريق ومواصلة اسنادة ومنع أي تلاعب به. من وسط كل هذا الركام من الهزائم التي تحيط بنا من كل جانب، يمكننا انتزاع نصرًا يعيد لهذه الأمة شيء من الانتعاشة والثقة بقدرتها على المنافسة والوقوف وجها لوجه، كند أمام بقية الشعوب. ما من أمة تستمر بالتهاوي على كل الأصعدة، سرعان ما يتمكن أبناءها من شق نافذة في الواقع المسدود والصراخ بصوت واضح: ما نزال هنا، أمة من البشر، جديرون بالحياة مثلكم أيها العالم وقادرون على منافستكم..وما فريق الناشئين سوى نموذج لهذا الصعود وإنه لقدر جديد علينا أن ندفع به نحو النهاية. ليلة مبهجة، احتفلوا يا رفاق كما لم تحتفلوا من قبل قط، وتبادلوا التهانئ، فهذا عرس يمني يبث الحياة مجددا في كل القلوب المهدودة من التعب. ها كيف المعنويات يا شباب..؟