البرلمان العربي يجدد دعمه للمساعي العربية لحل الأزمة اليمنية بما يحافظ على وحدة اليمن وسيادته    توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المحافظات الجنوبية    الوزير البكري يهنئ الخليفي بمناسبة فوزه برئاسة الاتحاد العربي للسباحة    مليشيات الحوثي تغلق مسجدا شمالي صنعاء بسبب رفض المصلين لخطيبها    شاهد كيف ظهر كريستيانو رونالدو بلحية .. صور تثير الجدل والكشف عن حقيقتها!    قيادي حوثي يواصل احتجاز طفل صحفي ويشترط مبادلته بأسرى حوثيين    وفاة وإصابة خمسة أشخاص في حجة وصعدة جراء الصواعق الرعدية    ما هو شرط زيدان لتدريب فريق بايرن ميونيخ؟    الارياني: الأسلحة الإيرانية المُهربة للحوثيين تهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح العالم    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    أكاديمي: العداء للانتقالي هو العداء للمشروع الوطني الجنوبي    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    بالصور .. العثور على جثة شاب مقتول وعليه علامات تعذيب في محافظة إب    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحنة الممكنة لدولة آل البيت
نشر في المشهد اليمني يوم 28 - 06 - 2022

كانت الستينات حرباً مع "آل البيت" في الشمال، ومع الإنجليز في الجنوب. عقد السبعينات شهد حروب المنتصرين/ الرفاق ضد بعضهم في الشمال والجنوب. في الثمانينات بلغت حروب الرفاق مستوى مدمراً في الجنوب، ودخل الشمال في حروب "الجبهة"، وانتهت الحربان إلى استقرار سياسي هش على جانبي الحدود. اتحد النظامان السياسيان على نحو ترك كل أسباب الحرب قائمة، ودخل اليمن الموحد في حرب كبيرة انتهت إلى انهيار الديموقراطية الجنينية، وتراجع حاد في تأييد الوحدة في الأراضي الجنوبية. تراكم الاستياء الشعبي، واستغل آل البيت عزلة صالح فاخترقوا نظامه من جهة، وبدأوا بتأسيس خلاياهم العسكرية من جهة ثانية [تأسس الشباب المؤمن بعد حرب الشمال – الجنوب، وكان أكثر من فعل ثقافي]. على أن الثمانينات كانت قد شهدت حرباً مكتومة بين السلفيين وآل البيت، وتدخل النظام آنذاك لاحتواء الصراع، وثمة وثيقة صلح وقع عليه الشيخ الوادعي من جهة، واربعة وعشرون شخصاً من آل البيت من جهة أخرى [هم آباء قادة الحركة الهاشمية الآن: الحوثي، العجري، فليتة، إلخ]. آل كل ذلك إلى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين الذي شهد ستة حروب مع آل البيت، وحروب شتى مع تنظيم القاعدة، تلطيخ مدمر لسمعة اليمن على الصعيد الدولي. فشل النظام في حروبه مع تلك، فضلاً عن تضاؤله أمام احتياجات الأجيال الجديدة، أدى إلى ثورة حتمية. أدت الثورة العامة إلى تفكيك النظام المريض، ومن خلال الفراغات والثقوب المفتوحة خاض آل البيت حروبهم المظفرة وسيطروا العاصمة. فتحت حروب آل البيت الباب الواسع لحرب هجينة، حروب بالوكالة، وحروب داخل الحروب، وانتهت باليمن إلى طور ممتد من التفكك العظيم.
لم يعد ممكناً إنقاذ اليمن وإعادته جغرافيا إلى صباح الثامن من يوليو 1994: أرض مترامية الأطراف تحكمها سلطة مركزية واحدة. سيمضي وقت قبل أن يشاهد اليمنيون الحقائق الجديدة، لنقل: الحقائق النهائية، لحروب الستين عاما. ليس مستغرباً انهيار اليمن إلى دويلاته الراهنة، الأكثر غرابة كيف حافظ بلد صغير ومتنوع على هوية موحدة ومتجانسة طيلة ستة عقود من الحرب. تلك الهوية التي احتملت عقوداً من الحرب انهارت أخيراً، ليس في الخنادق والجبهات، بل على كل الأصعدة. على سبيل المثال: يوجد في ألمانيا ثلاث جاليات يمنية: آل البيت، الجنوب العربي، وجالية ثالثة تقول إنها لليمنيين كلهم. هذا التفكك التلقائي يجري بسلاسة وبلا خطاب عال، يجري لدى طبقة نالت تعليماً عالياً في وسط أوروبا.
استحكم نظام فاشي في شمال اليمن ووسطه، ينتمي الحكم إلى منظومة إيديولوجية عابرة للحدود، ذات طبيعة عسكرية متجانسة ويمكن وصفها بقليل من التحفظ بالمركزية. قاتلت المنظومة معاً في أكثر من دولة، وهي في اليمن أكثر تعبيراً. يملك نظام صنعاء، داخل هذه الشروط، القدرة على البقاء لوقت طويل ما بقيت المنظومة الإيديولوجية قائمة [العالم الشيعي، بالمعنى الإيديولوجي العسكري]. تصدُّع المركز، في طهران، قد يؤدي إلى تفكك شبكتها الإيديولوجية، بيد أن هذا الاحتمال يبدو مستبعداً بعض الشيء بالنظر إلى ما بات يتأسس حديثاً على المسرح الدولي: عودة تدريجية إلى الحمائية، تراجع سريع في العولمة، خروج متسارع لدول ومجتمعات من حزام الديموقراطيات، سباق تسلح انتحاري، انقسام العالم رأسياً إلى غرب وشرق، استقطاب محموم للدول والكيانات، وصراع ثقافي محتدم بين خطابين. هذا التحول العالمي خلق فسحة جديدة للنظام الإيراني ليعيد بناء استراتيجيته مزوداً بواحدة من أهم أدوات الصراع الراهن: الطاقة. سرعان ما حول آل البيت الحدود العسكرية إلى حدود عقائدية، وضعوا عليها تشكيلات عسكرية مهندسة دينياً بحيث تبدو شديدة التمايز عن المقاتلين على الطرف الآخر. يسارع آل البيت إلى خلق سكّان جدد، وإعادة برمجة السكّان السابقين كي يصلوا إلى "الشعب المتجانس" الذي تفاخر به بشّار الأسد وهو يتحدث عن الجانب الإيجابي للحرب. التربية الثقافية تأخذ مكاناً مركزياً في استراتيجية تأسيس دولة آل البيت، وقد سخر عبد الملك الحوثي في خطابه الجديد من المنادين بتوفير الرواتب، قال إنهم ساذجون ولا يفهمون طبيعة المعركة وأولياتها. لا يقل إنفاق آل البيت على البنية العسكرية عن إنفاهم على الإصلاح الثقافي، أي: هندسة شعبهم عقائدياً على نحو جذري. إذا تمكّن آل البيت من هندسة 20 % من السكّان فإن ذلك كاف للحصول على استقرار سياسي على المدى الطويل. السكان المهندسون إيديولوجيا هم احتياطي عسكري لكل نظام فاشي، وعشرون في المائة تكفي للقول إن آل البيت لم يعودوا جالية.
تنتهي حدود آل البيت هناك حيث تتعثر معاركهم العسكرية، وهم على أهبة الاستعداد لحرب مستدامة، فهي لا تكلفهم كثيراً من جهة [يعسكرون السكّان، ولديهم مصادر مجانية للسلاح]، فضلاً عن حصر سلطتهم داخل سلسلة جبلية عديمة الموارد [باستثناء الحديدة] هو مصدر قلق مستدام بالنسبة لهم.
اقرأ أيضاً
* الجيش الأمريكي يستهدف القيادي في تنظيم "حراس الدين" "أبو حمزة اليمني "
* شاهد ..المنتخب اليمني للناشئين يفترشون أرضية مطار القاهرة في انتظار عودتهم لليمن
* المبعوث الأممي الخاص باليمن يعلن اختتام زيارته إلى الرياض
* مقابلة خاصة لوزير الأوقاف والإرشاد مع "المشهد اليمني".. نص المقابلة
* الأوقاف اليمنية تحذر من المساس بممتلكاتها وأراضيها في مناطق سيطرة الحوثي
* في تصريح خاص ل"المشهد اليمني" الحكومة تكشف عن الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة التطرف والإرهاب الحوثي
* وزير الأوقاف يكشف ل"المشهد اليمني" عدد حجاج اليمن من الداخل ومن المغتربين في السعودية لهذا العام
* نهاية مستحقة للمرأة اليمنية التي قتلت زوجها ورمت جثته من على شاهق.. أول رواية رسمية تكشف التفاصيل
* آخر تحديث لأسعار تداول العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني
* بيان عسكري للجيش بعد هجمات عسكرية للحوثيين وسقوط ضحايا من القوات الحكومية
* فتاة يمنية تثير جدلا واسعا في أمريكا.. القصة كاملة
* مجلس الشورى اليمني يصدر بيانا رسميا بشأن تصريحات مسيئة للسعودية وللرئيس هادي
الجباية الرهيبة التي يتحصلون عليها هي مصدر دخل نظام آل البيت الرئيسي، وهذا المصدر يتهدده الخطر فيما لو استطاعت الدولة اليمنية المجاورة أن تؤسس لوضع قانوني وأمني مستقر. وضع مثالي كهذا سيغري رأس المال الكبير والمتوسط على نقل استثماره من أراضي آل البيت. ثمة مشاكل بنيوية عميقة في دولة آل البيت، وستصير تلك المشاكل أكثر عمقاً فيما لو آلت الهدنة إلى سلام مستدام، أو لو يئسوا من الحرب. اليمن الآخر، اليمن الواقع خارج آل البيت، يمر بمحنة رهيبة بمقدوره تجاوزها. لا تملك السعودية تصوراً استراتيجياً للشكل الأفضل لليمن، وكلما اقترحت مشروعاً نأت عنه بنفسها. يشبه الأمر انتظار توم هانكس لشهور طويلة، وكلما سأل "متى سيأتي الملك السعودي لنعرض عليه المشروع" يقال له غدا [فيلم: هولوغرام إلى الملك، 2016].
تمايزت الكوريتان، وهذا مجرد مثال، عن بعضهما شيئاً فشيئاً إلى أن تخلقت دولتان: فاشية تملك الصواريخ ولا يتجاوز اقتصادها السنوي 15 مليار دولار، وديموقراطية ليبرالية تملك الصحف ويناهز اقتصادها السنوي التريليون ونصف التريليون دولار في العام. مع الأيام تكتشف الأنظمة الفاشية إن معركتها الوجودية داخل أراضيها، وتذهب إلى صناعة السجون والأقفال، هذا اللون من الحياة يخلق دولا مهمتها إضحاك باقي العالم حتى وهي تهدده بالصواريخ. ما كانت كوريا الشمالية لتبدو على ذلك النحو المحزن، ولما ضحك الناس عندما عرفوا إن تلفزيونهم الوحيد بث نبأ عن تأهل منتخبهم إلى نهائي كأس العالم بعد تغلبه على أميركا، ما كان ذلك سيكون ممكناً لو لم تكن كوريا الجنوبية بنموذجها الإبداعي الفريد قد ضربت مثالاً. يذهب باحثون مرموقون، مثل بول كروغمان الحاصل على نوبل، إلى القول إن كوريا الجنوبية واليابان اللتين وقعتا داخل المجال الحيوي السوفيتي هما من جعلتا السردية السوفيتية حول القوة والرفاة تبدو حمقاء وهزيلة. وعلى نحو عام فلا يمكن لدولة آل البيت أن تثير السخرية والغضب ما لم تضرب المدن الأخرى أمثلة. حفلة تخرج، ندوة ثقافية، شارع نظيف، صحيفة علمية، قاض جيّد، .. أمور بسيطة بالطبع، غير أنها ستضع آل البيت في محنة عويصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.