عبد الله القامز في ذمة الله، بعد عقود من النضال لليمن كي لا تصبح في ذمة التاريخ. لقد دافع هذا المناضل الكبير لسنوات طويلة عن الوطن الذي في ذمته، والذي هو في ذمة كل واحد منا اليوم. إسم الفقيد لم يكن متداولا كثيرا في الإعلام، لأنه كان يعمل بصمت ولا يتطلع للشهرة أو يلتفت للأضواء؛ وكان متواضعا لا يأبه للمناصب بقدر ما يهمه أن يخدم الوطن من أي موقع كان. صحيح أن المناضلين الأكثر إخلاصا يموتون بصمت، لكن ذلك لا يغير من حقيقة أن عبد الله القامز كان علما يمنيا مهما سيتردد اسمه لعقود قادمة. في حياته كانت اليمن شغله، وقبل وفاته كان الوطن همه، وفي وصيته دعا أبناء مديريته ومحافظة صنعاءواليمنيين عموما لاستكمال تحرير البلاد.
وطني أنت نفحة الله ما تبرح لا عن قلبي ولا عن لساني صنع الله منك طينة قلبي وبرى من شذاك روح بياني شعلة القلب لو أُذيعت لقالوا: مرّ عبر الأثير نصل يماني لقد مرّ عبد الله القامز إلى مثواه عبر دروب الحرية ومسارات العمل الوطني الأشد مناهضة للاستبداد والكهنوت الإمامي، كواحد من الذين سيخلد التاريخ جهودهم المخلصة. قاوم الانقلاب وحشد للجيش الوطني منذ البداية، وتعرض للاعتقال والاحتجاز في زنزانة حوثية انفرادية لأكثر من عام. لكنه أتعب السجن والسجان، ورغم أنهم غيبوه عن الناس والضوء في زنزانة انفرادية إلا أن ذلك لم يؤثر في معنوياته بقدر ما زاد من إصراره وقناعته بضرورة مواصلة المقاومة حتى يتحرر كل شبر من ثرى الوطن.
هدّدونا بالقيد أو بالسلاح واهدروا بالزئير أو بالنباح قسما لن نعود حتّى ترانا راية النصر في النهار الضاحي خوّفونا بالموت: إنّا استهنّا في الصراع الكريم بالأرواح فاحفروا دربنا قبورا فإنّا سوف نمضي للدّفن أو للنّجاح
يقول أحد رفاقه الذين لازموه في عامه الأخير إنه كان دائم التفاؤل، ودائم الثقة بأن اليمنيين سينتصرون عما قريب على الشرذمة الإمامية. لا شيء في الحياة يعوض خسارة الراحلين سوى العمل على تحقيق أهدافهم. والمناضلون الأوفياء لأمتهم وشعوبهم كعبد الله القامز يستحقون التكريم في الحياة وبعد الحياة، وأفضل تكريم لهم في أن نجعل من وصاياهم أمانة في أعناقنا. رحم الله فقيد الوطن عبد الله القامز وتغمده بواسع الرحمة والمغفرة.