شيء ما أغرى المبعوث الأممي مارتن جريفيث لزيارة مأرب ! الرجل - عند عامة الشعب اليمني - لا يخِفّ إلى زيارة مكان إلا إذا كان وراء الذهاب مصلحة للحوثيين. فحين كانت الحديدة على وشك أن تلقي بالمليشيا إلى خارجها و تستقر، ثارت ثائرة جريفث ؛ ليبذل قصارى جهده لإيقاف خطوات التحرير للمدينة. الزيارة لمأرب و هي الأولى للرجل - و إن شاء الله الأخيرة - ليست بريئة، و لعله أراد - ما دامت جاءت مباشرة بعد معارك الحزم و الغيل - كأنما جاء ليوظف تلك الأحداث لما فيه مصلحة مليشيا الكهنوت الحوثية، و ليعطي إيحاءات معينة، و يسرب رسائل بائسة، تستهدف المعنويات، و الرأي العام اليمني ؛ مثلما هرول الأمين العام للأمم المتحدة إلى استكهولم إبان المحادثات فيها ؛ ليعطي روحا و قيمة لما تم باستوكهولم. لا شك أن الرجل عاد خائبا فقد وجد من خلال ما لقيه من مواقف الصمود لدى السلطات الرسمية، و الشعبية، و القبلية، و الحزبية، ما جعله يبتلع غيضه - و لو إلى حين - و يضغط على أعصابه مسافة ( السكة) التي يتمكن بعدها من التواصل مع فريقه بالحديدة الذي يدور حول نفسه، و لكن هذه المرة عليه أن يصدر بيانا يستهدف ضربات مقاتلات التحالف العربي الاستباقية لزوارق كانت تستعد لتنفيذ عمليات إرهابية. لنقف في مأرب الحضارة و التاريخ وقفة إجلال و تقدير و عرفان بالجميل، لتلك المواقف الرجولية و البطولية للسلطة المحلية، و الجيش الوطني، و الأجهزة الأمنية، و رجال القبائل الأحرار، و الأحزاب ؛ لثبات الجميع صفا، في وجه المشروع الظلامي للكهنوت، و في وجه محاولات الرجل الأممي الذي تحرك بالوكالة ليستثمر معارك الجوف مؤازَرا بحملة الحوثي الإعلامية، و مناكفات البلهاء، البعيدين حِسًّا و معنى عن الميدان.
و لكن دعونا نقف بصورة استثنائية وقفة تقدير و احترام لفروع أحزاب التحالف الوطني للقوى السياسية بمحافظة مأرب، التي تسامت بروح نضالية متميزة، و اعتلت قمة الفعل السياسي بامتياز، تاركة الأنين لمن لا يجيدون غير الثرثرة و تولد كلمات الكيد و الإحباط. حقا، البداوة هي الحضارة، فالبداوة صفاء، و الصفاء قوة، و القوة فعل. مرحى لكم أحزاب التحالف الوطني للقوى السياسية بمحافظة مأرب، فقد كنتم - كعهدنا بكم - عند مستوى المسؤولية، فكنتم فخر مأرب، و فخر اليمن، فالعمل السياسي و الحزبي ليس حركات نصف كم، و إنما هو التحام و تلاحم بالشعب و تبني قضاياه، و هل هناك قضية للشعب أهم من قضية الاصطفاف لمواجهة الإمامة الحوثية !؟ مأرب بكل أطيافها و مكوناتها الرسمية و الشعبية، و القبلية و الحزبية، مازالت تعطي دروسها، و تقدم مواقفها منذ بداية مواجهة المشروع الظلامي للكهنوت و إلى اليوم، و تقف جنبا إلى جنب مع الجيش الوطني، و الأجهزة الأمنية داعمة و مؤازرة. و ليست الجوف المحافظة الباسلة و كل مكوناتها الحرة بعيدة عن مواقف مأرب ، فسلام لكم أجمعين، و لكل أحرار اليمن في عموم اليمن.