يعيش العالم حالة رعب، ليس مصدره الإنسان ! ليس مصدره الأمريكان، مثلا ؛ فهم يعيشون عمق الرعب، و ها هم يستنفرون كل الإمكانات لمواجهة فيروس اخترق كل التحصينات، و تجاوز كل الخطوط الحمراء، و حتى أجهزة الإنذار المبكر مثلت دور الأصم الأبكم الذي لا يفقه شيئا. قبل مدة وجيزة خطب ترامب عن حالة الاتحاد الأمريكي، و كان أن قال بتبجح ظاهر : نحن الدولة الأقوى في العالم ، لكنه اليوم في الرعب على مستوى واحد مع أصغر و أفقر دولة في العالم. و ليس مصدر الرعب الروس، فهم أيضا في قلب الرعب ، و ها هم يعطلون كل الأعمال، و يعطى الاتحاد الروسي بأكمله إجازة بدافع الخوف و الهلع ، الذي ليس بمقدور الأساطيل أن تستنفر للتصدي أو المواجهة ؛ لتبديد هذه الخوف و الهلع، فالأساطيل هنا لا حول لها ولا قوة ! و حتى لو تضافر و تظاهر الروس و الأمريكان، و جاء بعضهم لبعض ظِهريا، و حشدوا معهم الدنيا و دول العالم قبيلا ؛ فلن يتجاوزوا مربع العجز، أو هذا ما يقوله فيروس كورونا حتى اللحظة. الإتحاد الأوروبي هو الآخر يعيش حالة رعب و فزع .. !!
المقام ليس مقام شماتة، و لا تشفي، لكن هذه الدول كثيرا ما صعّرت خدها للحالات الإنسانية، و سارت في الأرض كبرا و بطرا، و كثيرا ما مارست الضغوط، و استخدمت الابتزاز، و لوّحت بالعنف، و نشرت الرعب على دول نامية أو متخلفة لسلب إرادتها و مواردها . البعد الأخلاقي، ناهيك عن البعد الإيماني؛ أبعاد لا تتعامل بهما هذه الدول و من على شاكلتها، و بالتالي لا تمتلك الدول الصغيرة لغة تخاطب به دول الرعب و الإرهاب . نعم دول الرعب و الإرهاب ! فالإرهاب الذي تمارسه الدول الكبرى، سياسيا و إعلاميا و عسكريا و استخباراتيا أمر لا يطاق، و تفرض دول ( الفيتو) سياستها القمعية على الدول و الشعوب بكل غرور و جبروت . نظرة عابرة أو متأنية لاستخدام حق الفيتو، تجدها كلها ، و من قِبل كل من يستخدمها أنها استعملت ضد الدول و ضد حقوق الشعوب ، و لن يجد المتتبع أن هذا الحق ( الاستعماري ) استخدم مرة واحدة لمصلحة الإنسانية، بل يغيب تماما عند هذه الحالات. سلو عن قضية فلسطين ؟ و سلو عن حصار غزة ؟ و سلو عن تغذية الحروب في دول العالم الثالث؟ لا تستشعر الدول المتقدمة - و الصواب القول : الدول الاستعمارية - حقيقة بالحاجات الإنسانية لبقية الشعوب، بل إن العالم ليرضى منها أنها لا تحس و لا تستشعر ؛ و لكن العالم يشكو همجيتها، و ظلمها ، و إرهابها ، و غطرستها . هي اليوم تعيش - حقيقة - رعبا و فزعا، رغم إمكاناتها المادية الهائلة ؛ فهل سيوقظ هذا الرعب إنسانيتها فيتغير سلوكها نحو تعزيز السلام و العدالة و رفاهية البشرية، و أن العالم يستحق أن يعيش حياة أفضل ؟