مَن اضطر لأن يسكن في كوخ ، سيكون أغبى الأغبياء إذا رأى أن بداية تحقيق هدفه بأن يسكن في قصر هو هدم الكوخ قبل بناء القصر ! و اللازم إذن أن يمضي لتحقيق هدفه و أن يجعل من هذا الكوخ منطلقه و مأواه إلى أن يتحقق الهدف . لا يصح أبدا أن يتحول العمل من السعي في البناء الى شتم الكوخ و سبه و كشف عيوبه و مثالبه، فالواقع لا يحتاج لذلك، و الحاجة لا تتطلب هذا؛ لأن كل أحد يعرف معاناة العيش في كوخ، و في المقابل الكل يعرف أن شتم الكوخ لا يغير من الواقع شيئا، و ما يغير الواقع أن يستفيد الطامح - في سكنى القصور - من الكوخ و يجد و يجتهد للوصول إلى الهدف بمحاربة من حاربك ليمنعك أصلا من بناء هذا الطموح و السكن في القصور و الدور .
في الحكايات الشعبية أن رجلا كان يمتلك قدرا متواضعا من معرفة، لكنه أصيب بحالة نفسية ، فاعتلى منبرا، ثم خطب : إن الله خلق الخلق، فجعل منهم الغني، و جعل منهم الفقير، فلا غني شاكر و لا فقير صابر .. ألا فلعنة الله على الجميع !! هكذا بكل بساطة وزع اللعنة على الجميع بسبب نظرة ساخطة جرد المجتمع كله من أي خير، و إلا فحتما سيجد شاكرين وسيجد صابرين، لكنه السخط و التذمر . و يعذر هذا لحالته النفسية . إن التكلف و التعسف في البحث عن مبررات للرضا الدائم بحياة الكوخ عجز ؛ و في المقابل التفرغ التام لسرد العيوب و ترويجها، إنما هو نشر للإحباط، و إغراء مجاني لمن يحاربك ليمنعك من الوصول إلى الهدف.
فرسان المنابر، هم الرديف الأهم لفرسان الجبهات، و مهمة فرسان المنابر الإعلامية، أو الإرشادية، أو الفنية بناء المعنويات، و دعم القدرات، و تعرية أفعال العدو، و تفنيد شبهاته، و كشف ممارساته، و ليست مهمة فرسان المنابر أن ينطلق من مقولة : ألا فلعنة الله على الجميع. إن التناولات المحبطة و بتركيز، لا تخدم الجبهات، سواء جبهات المواجهة، أو الجبهة الداخلية، و إنما تخدم العدو تماما. ماذا نريد أن نقول لمن في الجبهات ؟ و هل نحرّض لهم أم عليهم ؟ و هل نتفرغ لجمع العيوب أم نتوجه لبناء النفوس و رفع المعنويات، و تعرية جرائم العدو ؟ تلك الجرائم التي لم تترك المدرسة، و لا الجامعة، و لا التاجر، و لا المواطن، و لا الأسرة، و لا الفرد في الأسرة، فاستباحت الدم، و استباحت المال، و جندت الأطفال، و نشرت الألغام، و فجرت المساجد ...، بهدف أن تجعل شعبا بأكمله عبيدا لسلالة يعيش ( طاىفة ) منها خارج معطيات الحياة و قيم الحرية . إن منابرنا الإعلامية و الفنية و الإرشادية .. و غيرها يجب أن تتمحّض لمواجهة الحرب الإعلامية القذرة التي تشنها قنوات الحوثي الإعلامية على اليمن و اليمنيين، و تعينها قنوات أخرى . من الخطأ أن تخلو برامج بعض وسائل الإعلام لدى الشرعية - في رمضان - من برامج فنية مهدفة تتناول جرائم الحوثي، دون أن نغفل الدور الإيجابي لهذه القناة أو تلك، و لكن لنعترف أن هناك برامج ذهبت بعيدا عن برامج كان لا بد أن تكون حاضرة لتفنيد جرائم الحوثي. لا يفهمنّ أحد أن هذه السطور ضد أن يكون هناك نقد لهذا الخطأ أو تلك الخطيئة، و لكن بما لا تتحول إلى إضعاف المعنويات، أو مادة للبلبلة و الإرجاف تستخدمها الحوثية و الطابور الخامس .