تُطل علينا الذكرى الثامنة والخمسين للثورة اليمنية 26سبتمبر وهي ذكرى تأسيس الدولة وإعلان قيام الجمهورية. هذه الذكرى تحتاج منا إلى التوقف عندها، ومحاولة فهمها بناءً على واقعنا اليوم، وأن لا نُحولها لمجرد مهرجانات واحتفالات خالية من الثورة ومن روح الثورة ومن أسئلة الثورة. وأن لا نُحولها إلى مجرد ذكريات أشخاص كان لهم دور في الثورة أو أدعوا قيامهم بأدوار أكبر من أدوارهم، مع احترامنا وتقديرنا لكل رموز الثورة اليمنية العظيمة بدون استثناء. نحتاج أن ندرك مفهوم الثورة وقيمها وأهدافها ومآلاتها. ومعرفة ما نوع النظام الذي أنتجته الثورة وهل تم هندسة هذا النظام بما يليق بالثورة، ووفقاً له بُنيت مؤسسات الدولة؟ إذا أردنا فهم الثورة فإننا نحتاج إلى أن نحاصر أذهاننا بالأسئلة المنطقية، لا أن نحشوها بالحكايات العاطفية والمرويات السردية أيّاً كانت.
كما أننا بحاجة بعد سقوط مؤسسات الدولة اليمنية منذ ست سنوات عجاف - عشنا تفاصيلها لحظة بلحظة- أن نُعيد على أنفسنا هذا السؤال لماذا سقطت الجمهورية؟ ومادور القوى المحلية والإقليمية في هذا السقوط؟ ومادورنا كمواطنين اليوم؟ ومادور النُخب، المُثقفين، العمال والمدرسين التجار، والفلاحين؟ ومادور النساء، الرجال، والشباب؟ ومادور الفرد والمجموع في استعادة الدولة اليوم؟
ماهو دور الجاليات اليمنية في الخارج؟ ومادور اليمنيين الحاصلين على لجوء والإقامات المؤقتة والدائمة؟ ومادور اليمنيين الحاصلين على جنسيات غير الجنسية اليمنية؟
مادور النقابات لكل القطاعات والاتحادات الطلابية والمنظمات المدنية؟ ماهو دور مجلس النواب والحكومة والشرعية والأحزاب؟ ما هو الحل بعد مرور ست سنوات من سقوط مؤسسات الدولة والمحافظات ووقوع الأكثرية السكانية في قبضة الكهنوت والهاشمية السياسية؟
سنحتفي بالجرح ونغني ونرقص، ومع ذلك سنُحاصر أنفسنا بالأسئلة غير المنتهية، دون جلد للذات، أو التحول إلى قطيع يُساق وفصيل يدّعي المظلومية مستقبلاً.
وكما أنه لا مشكلة بدون سبب، فإنه لا مشكلة بدون حل، ولا أسئلة بدون إجابات. فقط لنُعمل عقولنا بدل أن نتحول إلى جزء من مشهد بائس لا نُجيد فيه غير البكاء، والحوقلة، والإرجاء، ونفي الخطأ عن أنفسنا ومؤسساتنا المدنية والعسكرية والدينية والسياسية والاقتصادية، وتحميل الخطأ للداخل والخارج والشيطان والمؤامرات الخ الخ.
#سبتمبر_مجيد لكل من أخذ الأمر على محمل الجد وترك الأوهام وغاص في المشكلة والحلول، أما المرتاحين المسلمين-من التسليم لا من الإسلام - الأمر فليعيشوا حياتهم فلا علاقة لهم بالعير ولا بالنفير.
#يمنيون_للابد لكل من يدركون مسؤولياتهم ويُلزمون أنفسهم بالعمل مع البقية للخروج من المأزق.
#جمعة_مباركة لمن أضاءت أنفسهم بحب الناس، وتفقد أحوالهم، ومن لم يفقدوا إنسانيتهم مع كل هذا العتم.