العروبي المعتدل، و العروبي غير المعتدل، و لن يقف الأمر هنا، بل سيعيدون ما اندثر من مصطلحات ( التسميم) بغرض تمزيق مسمى العربي أو العروبي، كالأشوري ، و الفينيقي، و الفرعوني .. الخ. بل و سيسعون لخلق المسميات و المصطلحات التي هي من شأن الاستعمار الذي يمتلك (حصريا) حق ابتكارها و تعميمها، و له وكلاء معتمدون لتوزيع بضاعته رغبا و رهبا، مع تهم جاهزة لكل مستعص عن الانحناء، أو الانخراط في قطيع التبعية، و كما هناك تهم معدة للشامخين الصامدين، هناك في المقابل الفتات الحقير للوكلاء المعتمدين، و العبيد المطيعين بحسب رتبهم و مناصبهم و مواقعهم! العروبي السياسي - حتما - مرفوض لدى تلك الدوائر الاستعمارية . فهذا العروبي الذي يتحدث بصدق عن وحدة عربية، أو قومية عربية، أو يدعو بشعار : شعب عربي واحد ، جيش عربي واحد .. هذا يعني أنه نَفَسٌ مقاوم، و مزاج رافض ، وثائر مكفاح ، و هو في قاموس الاستعمار يقظة مرفوضة، و إباء غير مقبول، و مقاومة لعنصرية الاستعمار، و هو بالتالي ( عروبي سياسي ) مرفوض رفضا تاما؛ مثلما هو مرفوض ( الإسلام السياسي ) !!
أي عربي أو عروبي يرفض التبعية و التطبيع و الانحناء، هذا عربي أو عروبي متخلف و متطرف في عروبته . و هذا - في عرفهم - ما يزال يعيش عهود قرون بالية، و ثقافة غابرة، لم تنفتح على الانبطاح، و لم تتذوق العبودية، و لا عرفت راحة التبعية !!
هذا النوع معناه أنه ينادي بتجديد أمجاد الأمة ، و هو أمر غير مقبول ، لدى تلك الدوائر ، التي تمثل للعروبي( المعتدل) ولي الأمر :
داع إلى العهد الجديددعاك فاستأنفي في الخافقين عُلاكِ يا أمة العرب التي هي أمنا أي الفخار نميته و نماك يمضي الزمان و تنقضي أحداثه و هواك منا في القلوب هواك بالعلم ننشر ما انطوى من مجدنا و به نزكي في الورى ذكراك
إن شأن هذا العروبي السياسي في التخلف ، هو شأن ذلك الإسلام السياسي سواء بسواء في تمنعه و كبريائه و استعلائية عن الذل و الهوان ، و رفضه أن يتقبل يد كل لامس، أو ينقاد بطواعية لكل علج و مستعمر، أو يخضع لكل متجبر غشوم !
العروبي غير السياسي ، و الإسلام غير السياسي . تسميات ذات مغزى استعماري، ومصطلحات ذات أهداف مقصودة . إنها مسميات لمماليك جدد، لا يحملون عزة المماليك الذين عرفهم التاريخ، و عرفهم المغول يوم عين جالوت ! يريدون عروبيين بصورة مماليك جدد، ذوي أصوات رخوة، و إرادات طَيّعة و مرتهنة، و تبعية ذليلة، و كاملة الدسم . لا يريدون عربا كعرب فلسطين، و لا عربا كعرب أبطال الجزائر في معركة سوق أهراس ، و لا كأبطال ملحمة عين البوجمعة بسوريا، و لا معارك ردفان في اليمن و لا معارك القنال في مصر .. و لا، و لا .. في كل قطر عروبي ناهض الاستعمار ! هذه عروبة سياسية متطرفة .
يريدون لنا عروبة (مرنة) تنسى عروبتها، و ترمي خلفها بوطنيتها، و تجاهر بعداوة هويتها، و ترضى أن تحيا بلا بوصلة أو هوية !
لا أعتقد أن العروبي السياسي يبتسم و هو يقرأ، أو يسمع محاولات قوى الاستعمار و هي تسعى جاهدة للنيل من الإسلام، تحت ذريعة محاربة الاسلام السياسى ؛ الذي هو روح العروبة ثقافة و فكرا، كما لا يمكن للإسلام السياسي أن يستعير نفس الابتسامة إذا ما تعرض العروبي السياسي لاستهداف من تلك القوى السياسية، لأنه يعلم أن العروبة مادة الإسلام.