مع تزايد ظاهرة الانشقاقات التي تشهدها مليشيات الحوثي، قامت " الصحوة نت " بالالتقاء بعدد من المشرفين والافراد الذين قرروا الانشقاق عن الجماعة وترك القتال، واقع تجربتهم التي عاشوها شاهد على دموية الميليشيات ومسيرتها التدميرية. سحر ومخدارت "كنت مسؤولاً في احدى المعتقلات السرية للمليشيات، ولم اكن اجد ما افعله طوال اليوم والليلة الا مضغ القات وضرب المعتقلين وحرمانهم من النوم، واغلبهم كانوا من الشباب المراهقين الصغار". هذا ما قاله أحد المشرفين السابقين" رفض ذكر اسمه خوفا من الانتقام " وأضاف " بأنه كان يجبر المعتقلين على شرب بولهم والاستحمام الجماعي والحبوا على الركب والنباح!! " في المعتقل كنت اشعر بأني ولي من اولياء الله وارى البشر المقيدين أمامي اشبه بالحيوانات وأكن لهم كراهية شديدة، وبمجرد عودتي الى السكن كأنني افقت من غيبوبة، احيانا كنت ابكي، لكني اعود في اليوم التالي للمعتقل وكان شيئا لم يكن، لا ادري ما الذي كانوا يعطوننا اياه حتى ننسى ادميتنا بتلك الصورة ". اما عن اسباب الانشقاق عن الجماعة، فيقول :" رغم منصبي الذي كنت فيه " مشرف القسم" والامتيازات الخاصة التي كنت امتلكها، الا انني لم اشعر يوما أنني انسان سوي، وكنا نعتقل الناس بدون سبب لكي يحضر اهلهم ويدفعوا لنا المال مقابل اطلاق سراحهم، اتصلت لأبي وصارحته بما في صدري، واتصلت بزوجتي، وجميعهم نصحوني بالعودة الى البيت وترك هذا الاجرام، وهذا ما فعلته". مشرف منشق آخر ويدعى "شايع" 37 عاما، كان مسؤول امداد احدى الجبهات، يتحدث "للصحوه نت" عن تجربته قائلا: " انضممت للمليشيات بقناعتي وخرجت منها بقناعتي، قالوا تعالوا نقاتل امريكا واسرائيل فتركت بيتي واولادي وارضي والتحقت بالجبهات المختلفة حتى اصبحت مشرف امداد جبهة (...) وظللت هناك حتى اغسطس 2020، وهناك رأيت بأم عيني كيف يكوّن المشرفين الآخرين ثروات طائلة من أكل حقوق عناصرهم. يتابع " القبيلي المسكين يقاتل من اجلهم فيأكلون حقوقه، كل هذا تغاضيت عنه وقلت في نفسي هناك رب يحاسب ويعاقب، وفي احد الايام كنا مجتمعين لسماع الدرس الاسبوعي وفوجئت بأنني وجها لوجه امام ثلاثة ضباط من الحرس الثوري الايراني كانوا مكلفين بإلقاء الدرس، عندها فقط ادركت وتأكدت بأننا مجرد ادوات في يد غيرنا، وان الجهاد والعدوان والقدس كلها شعارات زائفة، لذلك سلمت بندقي وعهدتي بعد هذه الحادثة بخمسة ايام فقط واخبرت المشرف بأنني سأذهب في اجازة ولم اعد مطلقاً". عنصرية أما " ن" 18 عام، وهو "مقاتل" سابق في صفوف المليشيات وليس "مشرف"، فيقول :" تنقلت بين الجبهات من 2018 وحتى 2020 وعرضت نفسي للموت اكثر من مرة وكنت اعتقد بأننا نقاتل في سبيل قضية عادلة وان الجنة فعلاً طريقها من الجبهات، لكنني كنت الاحظ ان جثث زملائي يتم التعامل معها بلا مبالاة بل واحيانا باشمئزاز فيتركونها تتعفن او تأكلها الضواري في الوديان، بينما جثث من يطلق عليهم القناديل تحظى بأهمية بالغة حتى انني سمعت انهم مستعدين يبادلوا 100 اسير مقابل جثة قنديل واحد، فتخيلت نفسي عندما اموت وهم يهينون جثتي بهذا الشكل لأنني لست من السلالة، ويوما بعد اخر بدأت اركز على سلوكياتهم ومنهاجهم اكثر ووجدت بأن فكرهم سلالي وعنصري بشكل كبير، واني انا وغيري مجرد وقود لبقائهم في السلطة". وعن سؤالنا لماذا ترك المليشيات، يضيف : " لم اتعرض لشئ فالأمر متروك لحريتي، ولكن لو عرفوا بأني تفوهت بكلمة فستكون نهايتي انا واسرتي كذلك"، وتنهد قائلا " لن انسي تلك الفترة البشعة بحياتي , فقد فقدنا فيها ادميتنا وتسببنا في الألم الاخرين " يعيش هؤلاء المنشقين بين اهاليهم بعد تخليهم عن مليشيات الحوثي محاولين نسيان الماضي والتخلص من تأنيب الضمير الذي يراودهم كلما نظروا الى اطفالهم وتذكروا اطفال المعتقلين وعائلاتهم، وعائلات قتلى "الجماعة" الذين تركت جثثهم في الوديان لتأكلها السباع فقد يكونوا يوما ما شاهدين علي اجرام ميلشيات الحوثي امام ضمائرهم أولا وامام العالمي الانساني.