علي وجع صنعاء الكئيب تشاهد طفل صغير بعينين زائغتين وثياب ممزقة يتسول "صدقة لله" في مقاهي الانترنت ووسائل المواصلات العامة وعند اشارات المرور، بسبب الاوضاع المعيشية المتدهورة التي خلفها انقلاب ميليشيات الحوثي وانضمام اعداد كبيرة من الاباء والامهات يومياً الى سجلات العاطلين. لكي نعيش في تقاطع جولة "الرويشان" وسط العاصمة صنعاء يهاجمك حشد من الاطفال الجائعين منهم " حذيفة" البالغ من العمر 10 سنوات، يقول للصحوه نت: " اقسم بالله اننا لا نملك في البيت حتى وجبة غداء واحدة، ابي كان يملك دكانا في الحديدة لكن قذائف الحوثيين احالته الى خراب فاضطر للنزوح الى صنعاء بدون عمل، والان كلنا نتسول لكي نعيش". مضيفا :" كنت ابيع "الفل" في الجولات مع احد اصدقاء ابي، لكنهم تشاجروا وطردني بدون سبب". وتابع" هناك بعض الناس لا تزال في قلوبهم رحمة ويساعدوننا بقدر ما يستطيعون، وفي المقابل هناك من يصرخ في وجهي أو يرفض مساعدتي بطريقة خشنة، وهناك ايضا من يسخر مني". "عبد الجبار12 سنة" ، متسول يقول عن قصته: " الظروف الصعبة اجبرت امي على ان تخرج للتسول وانا وشقيقتي الصغرى معها فنحن لا نملك ما نأكله ولا نملك بيتا يؤوينا او مصدر دخل، ابي توفي بالسرطان في تعز وامي وحيدة لا تملك اشقاء. تابع " لذلك اتخذت امي قرار السفر الى صنعاء والان نعيش في "خرابة" في شارع الخمسين نعود اليها في الليل بعد يوم شاق ونجمع ما حصلنا عليه كله ونشتري طعاما او اي شئ". " احيانا اكسب الف ريال واحيانا سبعمائة ريال واحيانا مائتين واحيانا لاشئ". " امي تقول لنا دائما ان كل هذا سينتهي وسوف نعود للمنزل بعد ان يرحل الحوثي، لكنها تقول ذلك منذ فترة طويلة ولم يرحل الحوثي بعد". الأمية والفقر لا يقتصر تسول الأطفال في صنعاء فقط على مد أيديهم واستجداء المال والتماس كرم المارة، بل إنهم يظهرون على هيئة بائعي مناديل أو ورود أو مياه أو مسح للسيارات وهو ما يندرج تحت مسمى "التسول المقنع" ، وهذا ما يفعله الطفل وائل (12عاماً) الذي يحمل بعضاً من المناديل الرخيصة الثمن ويتنقل بين المارة قائلاً لهم "اشتري مني أرجوك" وهنا تجد البعض يشتري منه القطعة بأضعاف سعرها المعتاد. الأمية والفقر هما القاسم المشترك لهؤلاء الأطفال، فالكثير منهم لم يرتد المدارس وباتوا نازحين مع أهلهم وذويهم من مكان لآخر بعد وصول دمار ميليشيات الحوثي وقذائفهم العشواشية على مناطقهم وقراهم. الطفلة "علا" 9 سنوات، التي تقف عند التقاطعات المرورية لتمسح زجاج السيارات المتوقفة لقاء مبلغ زهيد جداً، أبدت رغبتها بالعودة للمدرسة قائلة: "أحب الذهاب للمدرسة ولكنني تركتها لأن ابي عاطل ولا يمكنه دفع تكاليف المدرسة وليس هناك من يصرف علي وليس هنالك من يهتم بعودتي للمدرسة، أنا بحاجة لجمع المال لكي نعيش، بماذا ستنفعني المدرسة الآن في هذه الظروف وأمام هذا الفقر" عقاب وعنف أما صدام (7 سنوات) فقال إنَّه يتيم الأبوين ويعيش مع عمه، ويتسول المارة او يبيع المناشف، من أجل الحصول على المال والاعتماد على نفسه، ويقول صدام إنَّه إذا لم تبلغ مبيعاته في اليوم خمس مائة ريال فانه يتعرض للعقاب والضرب من قبل عمه، وقد يطرده من البيت لينام في الشارع من دون طعام ولحاف، ما يضطره إلى اللجوء للحدائق العامَّة، وكثيراً ما تراوده فكرة الهرب، لكن إلى من يلج