حتى أولئك المطبعين؛ يصعب عليهم أن يديروا ظهورهم لما تسطره غزة و القدس و أم الفحم و طبريا .. بل كل فلسطين و كل الفلسطينيين من بطولات. إن المهطعين إلى التطبيع ظنوا أنهم يدفعون الثمن الأقل، و الكلفة الأدنى بطأطأة الرؤوس، و الجثو على الركب، و كأنهم لا يعلمون أن مثل هذا الانبطاح يتطلب منهم دفع كلفة أعلا ليس أقلها الخزي و العار. فيما غزة و القدس بل كل فلسطين تسجل المواقف البطولية تباعا، تتنافس حكومات التطبيع في من تكون هي الحكومة الأكثر حظوة لدى الصهاينة، من التي يمكن أن تمثل شرطي الصهيونية في المنطقة !!؟ و في ذلك فليتهافت المتهافتون. تبقى فلسطين، و يبقى الشعب الفلسطيني مصدر إلهام للسير في طريق الحق و القوة و الحرية ؛ مصدر إلهام في كيفية انتزاع الحقوق في عالم متوحش يبدي حلاوة القول، و يمارس أبشع الإجرام، يلبس مسوح الرهبان، ويبطش بطش الضواري، يصور المعتدي الغشوم مدافعا عن نفسه، و يصور المعتدى عليه بأنه المعتدي، و تصمت لهذا الزيف المفضوح حكومات و دول !!. عندما تقول هذه السطور أن فلسطين مصدر إلهام للشعوب العربية و الإسلامية في طريق النضال و انتزاع الحقوق؛ فليس ذلك من عاطفة آنية مأخوذة بواقع اللحظة التي نعيشها بين يدي المواقف الجهادية التي يتم تسطيرها - اليوم - في فلسطين، و إنما بما يترسخ لدى الجميع بهذه القناعة مما سطره و يسطره النضال الفلسطيني بعزم و إصرار و بمواقف و أفعال مستمرة عبر أفعال كفاحية نالت من الصهاينة و في عمق مستوطناتهم حيث تحضر فلسطين، فيما غاب النظام العربي المكبل بأحابيل الاستبداد، و هيمنة قوى الاستعمار عليه ! وحدهم الفلسطينيون ينالون من الصهاينة ، و ينوبون عن الأمة في مواقف الشرف، و مهام الدفاع عن الكرامة، ويتركون للنظام العربي مهمة الشجب و التنديد.
فهل هناك أدنى مبالغة حين نعطي المقاومة الفلسطينية حقها فنصفها بأنها مقاومة ملهمة !؟ تدرك الحكومات الحليفة و المتبنّية للكيان الصهيوني خطورة ما تحدثه المقاومة الفلسطينية من أثر بالغ في تفكير الشعوب العربية والإسلامية، و ضرورة إعادة صياغة التفكير في طريقة و منهج الوصول إلى الحقوق، و أن عمل ومنهج المقاومة الفلسطينية بات عملا ملهما لهذه الشعوب، و حتى مشروع التطبيع؛ برغم ما يوهم الصهاينة من أنه يحقق لهم ما لم يكونوا يحلمون به، فسوف يغدو وبالا عليهم، و سيرفع وتيرة الرفض و التحدي الشعبي لهذا العمل العار، الذي اسمه التطبيع ؛ لأنها أصبح يمثل عنصر تحد لإرادة الشعوب، و هذا التحدي هو ما سيعزز إرادة الشعب العربي، و سيوقظ الغافلين. إن ميادين الفعل هي من تصنع التحولات، و تقوي الإرادات، و تغير القناعات، و هو تماما ما تفعله المقاومة الفلسطينية اليوم . و هذا الفعل المتميز بكلفته و صموده و تضحياته، لا يقف أثره لدى الداخل الفلسطيني فقط، و إنما يمتد أثره و تأثيره إلى عمق العالم العربي والإسلامي. يتعرى اليوم قطيع التطبيع، حتى ما عاد يستر سوءته، و عورته شيئ، و تتعرى قوى الاستعمار، حتى ما عاد قادرا على إخفاء نهجه الخبيث، و مخططاته المبيتة، ويتألق الإلهام النضالي و الجهادي ليقول لأبناء الأمة العربية والإسلامية : أن هذا الطريق هو طريق التحرر و الخلاص .