عند الحديث عن مناسبة الهجرة وصاحبها عليه افضل الصلاة والسلام يحضر هنا بصورة متلازمة صاحبه ابو بكر الصديق. فقد كان (ثاني اثنين) في مسيرة عظيمة من نور مستمدة انوارها من عرش الرحمن الذي كان معهما. (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ). فالرسول -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه هما الهجرة حدثا ومعنى. لقد كان ابو بكر الصديق الداعم والوزير والصاحب الصادق الصدوق الذي اختاره. الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليكون صاحبه في (الهجرة) كأهم حدث له ما بعده في تاريخ الدعوة والدولة وكأن النبي صلى الله عليه سلم كان يؤكد في هذا الاختيار دور ابوبكر في الماضي والحاضر والمستقبل فقد كان ابو بكر هو الصاحب والوزير عند كل حدث هام. في حدث الإسراء والمعراج اسكت افك المشركين. بكلمة واحدة من يقين المعرفة (ان قال ذلك فقد صدق) ليعقب موضحا (اني اصدقه بالخبر يأتيه من السماء)؟ حيث يبرز. هنا يقين المؤمن العارف ومنطق العقل والروح معا... كما كان هو الصاحب والوزير في كل حدث ومنعطف في مقابلات الوفود والزعماء وتجهيز الجيوش والغزوات... وفي يوم بدر كمعركة فاصلة. كان أبوبكر الوحيد المتواجد في مركز القيادة (العريش) الى جانب الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمعلوم ان الدولة الاسلامية التي تعرضت لأعاصير ورياح عاتية ومعها اهتزت خيمة الدعوة ذاتها كان لأبي بكر الصديق الدور الأبرز في تثبيت هذه الدعائم وتأسيس الدولة ولعل هذا الاختيار وهذه الصحبة الكريمة في بداية تأسيس دولة المدينة يذهب بنا الى الإشارة النبوية الهامة ذات الدلالة الخاصة المتمثلة في اختيار الرسول اثناء مرضه لأبي بكر الصديق ليؤم الناس في الصلاة وبمعنى ادق ليكون خليفته في الصلاة تاكيدا على مكانة الصديق وهي ايضا اشارة نبوية لدوره المستقبلي لا تتناقض مع مبدأ حق الشورى في اختيار الحاكم حيث استفاد منها الصحابة كلمحة نبوية الى جانب دور وروح أبو بكر لما كان يريده النبي ويتمناه للصحابة عند اختيارهم لخليفته الأول. في فترة غاية في التعقيد وتحتاج الى قيادة ربانية واسعة الافق رقيقة الفؤاد لطيفة الروح عميقة اليقين قوية الارادة حازمة الفعل عندما يحتاج الامر الى حزم وعزم لحماية الدعوة وتأسيس الدولة ليكون هذا هو ابو بكر الصديق دون سواه (الصاحب) الذي لم يبلغ تلك المكانة السامقة لكثرة صلاة او صيام وانما لشي وقر في قلبه. حيث تتجلى صفات الخليفة القائد ويقين العارف في ابهى صورة.