منذ ما يقارب الأربعين عامًا وشعبنا يعيش ضمن آخر الآمال والتوقعات وبين سندوان التجهيل المتعمد ومطرقة التطنيش كوسيلة لتغييبه عن كل الحقائق التي في كل الشرائع تُعتبر حق بسيط للشعوب من حقوق الإنسان الذي يبحث عن المعرفة وسط معطيات التعتيم المتعمد والإقصاء الممنهج الذي ينتهجه الحكام والسياسيين ايضًا. مات " مانديلا " الإنسان الذي قدم للأمة مالم يقدمه علماء الفلك وسيرك طويل من المسلمين كان اهم احد ادواته لنصرة الإنسان والدفاع عن حقوقه هي " الشفافية " كان واضحًا مع شعبه وامته، ناصر المظلومين وحارب الطبقية بوضوح ولم يتخذ من الغرف المغلقة وسيلة ليقول ما يجب عليه ان يقوله، ولم يجعل الإنسان وسيلة لينحاز لنفسه ويخبأ واجباته المنوطة به تجاه شعبه وامته بذريعة الخوف على نفسه بينما من لا يستحق ان يعرف هو قبل غيره من يعلم. اسوأ ما قد يوصف به حاكم ما او رئيس كرجل ( سيء الحكم ) هو استخدامه " سياسة الدعممة " اقصد بها اي سياسة الدعممة هو تغييب وسيلة " المعرفة " عن الشعب والأمة وتهميش حقهم في ذلك تعمدًا او بغير تعمد. لذلك فشل المخلوع " علي صالح" في حكمه حينما كان يتعامل مع الشعب كما لو انهم قطيع المطلوب منهم فقط ان يقولوا في الوقت الذي يريد هو " حاضر فخامة الرئيس، و تم يا مولانا " بينما يعيش الشعب اسوأ حالاته وفي كل المجالات والإتجاهات، واكثر من ذلك حينما يصورهم كما لو انهم جهلاء قابعين في حضيرة القبيلة محصورين بين الرصاصة والثأر. إن " نيلسون مانديلا " لم يكن هو كل شيء ؛ بل سبقه خير البشرية بقرون محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان الحاكم الذي ليس له مثيل والقائد الذي احبته الشعوب والسياسي الذي اذهل العالم بحنكته ودهائه .. رسول الله وفي اوائل دعوته السرية لم يكن يحرم اتباعه حينها اي شيء معرفي له علاقة بالعدو فضلًا ما له علاقة به كقائد لإنه يعلم جيدًا ان البقاء خلف السترة يجعل اتباعه في وجل وخوف من نصرته لذلك كان لا يخفي عنهم شيء وكان هذا دافعًا لهم لنصرته سرًا وجهرًا، والذود عنه عند العدو وغيره. ان اسوأ حدس يشعر به اليمنيون وبعد ثورتهم التاريخية هو الشعور بالتعامل بذات الأسلوب الذي ثاروا عليه وخلعوه وينتهجه ساستنا الجدد، ان الأسلوب القديم المتعجرف هو الذي اوصل بنا الى هذا المستوى المتدني في كل مناحي الحياة وكل الخوف ان يكون هو نهجهم في التعامل مع اليمنيين وفي مطلع 2014 لا زالت العقلية لم تتغير والوسيلة ذاتها لم تُستحدث والضحية هو المواطن الذي يعيش اسوأ حالاته على الإطلاق وفي صورة تنبأ عن تجاهل تام بحالته، واستهانة بحقه وقدراته. لقد كفلت كل الدساتير السماوية والوضعية لكل بني الإنسان حق " المعرفة " والدراية كأقل الحقوق تجعل الإنسان يشعر بإنسانيته في اي مكان او مقام لكنه وفي بلادنا للأسف يعيش المواطن اليمني مهضوم الحقوق مصادر حقه في كل شيء ومن ذلك اقل شيء يمكن له ان يعرفه هو " المعرفة " المعرفة تلك التي تعطيه حقه وتشعره بأنه المعني بكل شيء في بلده وانه الرقم الحقيقي لتقييم الرئيس او الحاكم ان كان عادلًا او جائرًا، المواطن الذي لا يعلم ما يقوم به المسئول او المعني بالدولة ليس إلا آلة يستخدمها الحاكم لنفخه وجعل منه طاغية ومستبد. إن الوسيلة " المعرفية " هي احد اهم الحقوق التي يجب عل الحاكم والمعني بشؤون الدولة ان يوفرها لمواطنية، هي احد اهم الحقوق التي يجب ان تكون متوفرة ومتاحة للمواطن البسيط والعامي فضلًا عن النخبة والمثقفين، لقد عانى شعبنا ولا زال يعاني من سياسيين يغيبون عنه كل شيء يخصه ويعنيه ويتعاملون معه بطريقة غوغائية مقيته ومستنسخة لا تنبئ إلا عن نوايا مبهمة تحيق الشر به تمامًا. إن شعبنا لا يريد شيء سوى ان يتعامل معه الحكام والمسئولين بطريقة تليق به وانسانيته وتشعره بإهتمام بحقوقه ومستحقاته، لقد ملّ شعبنا سياسة الدعممة والإستغفال والمرمطة والتخدير، لقد ملّ شعبنا وبجدية الإستخفاف ومصادرة حقه المعرفي، تتوالى المصائب في بلادنا والنكبات ولا يعرف عنها شعبنا شيء وهو الضحية دائمًا وعلى كل حال، يدفع شعبنا ضريبة كل هذه الصراعات ومن ثم يأتي قادة العمل السياسي ليخفوا عنه القضايا المصيرية التي يدفع ثمنها دمه ولقمة عيشه. في هذا الضرف الأليم الذي تمر به بلادنا لا ملجأ لرئيس الجمهورية إلا شعبه فهم حصنه الحصين بعد الله، لا مفر له إلا شعبه، فيجب عليه ان يعرف جيدًا ان اي قرار خارج عن غطاء الشعب ليس إلا انتحارًا ومجازفة، الشعب هو المعني بكل شيء وهو من يستطيع حماية البلاد وحماية من سيحمون البلاد وفي اي ظرف كان، يجب عليه ان يُطلعهم وبشفافية مطلقة على كل ما يجري في البلاد من مخططات قذرة تستهدف شرف الدولة وحق المواطن في ان يعيش كريمًا حرًا آمنًا.