في كل الأديان السماوية تؤكد لنا السنن والأحداث أن الظلم لا يستمر ولا يدوم مهما علا شأنه وقويت شوكته، وفي كل القوانين الوضعية والأنظمة والدساتير تنص على أن الفشل يُحارب ويجب أن يزول طبقًا للفطرة السوية التي ترى في مثل هذه القِيم قوة، وقد تتعارض الفطرة مع الواقع حسب ما يراه المستبدون الذين يتعاملون مع الأمم على أنهم مجردون من أي حقوق، وهو ما يجري الآن في مصر المسلوبة التي سُلب منها حق الإنسان والفطرة وأضيف لها ما يتعارض مع الأديان السماوية والقوانين والدساتير المنصوص عليها: " القاتل يجب أن يكون رئيسًا، والطغيان يجب أن يسود " الإنسان عجول بطبعه، وقد تحكمه العاطفة حينًا والحماس المندفع حينًا آخر، لذا يُصيبه اليأس والحكم على الأمور الطارئة حسب تأثيرها الواقعي حينها، غير أن الناظر لواقعنا من منظور واسع وعقلاني سيرى أن فرعون الطاغية الذي لا يشبهه إلّا السيسي إنتهى رغم الإمكانيات الخارقة التي كانت بحوزته مقارنة بإمكانيات السيسي الآن رغم خراقتها أيضًا. إن قوانين الطبيعة تقتضي أن الغلبة لمن يكون قويًا بفكرته وعتاده وشخصه ومن خلفه؛ وهو ما يتعارض مع شخص كالسيسي يُقاتل وبشراسة على العدم بكل دقّة؛ حتى ولو حاز على غنيمة فهي لا أكثر مؤقتة ويستمتع بها غيره من العرّافين. إن المُتابع للشأن المصري السحيق الذي تم السطو عليه من قبل حفنة عسكريين جرهم الدفاع عن حقوقهم الغير شرعية إلى الإرتهان للدول الخارجية والإستقواء بها إلى سلب حق شعبهم في الحياة؛ سيرى المتابع المهازل المتلاحقة والمتكررة من أول يوم أعلنت فيه السعودية والإمارات دعمها لعسكر تم زجهم في مخطط يُصعب عليهم إستيعابة أو السيطرة عليه وهو ما ظهر على هؤلاء المرتعشين من أول وهلة للإنقلاب الغاشم؛ إن مصر تجري وبسرعة قاتلة لفجوة الإنهيار التي لم يسبق لأحد من المتعاقبين على حكم مصر عبر التاريخ أن يوصلها لهذا المستوى الأليم؛ غير أن الأحداث والسنن الكونية تؤكد أن سقوط السقوط أصبح حتمية وضرورة قصوى ومجرد وقت لا أكثر لإنقاذ الكون والفطرة من أن تتصادم مع بعضها. لم ينقلب هؤلاء العجائز على الرئيس المنتخب وحسب، بل أنقلبوا على السلم الإجتماعي برمته؛ على الفطرة السليمة في شعب حلمه رغيف خبز يصله إلى بيته دون معاناة؛ على حلم الأطفال الذين يحملون الورد ومعهم الإبتسامة فأضطرهم الإستبداد إلى إستبدال ذلك بالإصطفاف في حر الشمس ليصلهم حق كانت قد كفلته لهم السماء والأرض، إنهم لم ينقلبوا على رئيس إستخدم عاطفته السياسية أمام الكهنة وسدنة الدم وحسب، إنما إنقلبوا على حلم الفتيات اللاتي ينظرن للمستقبل على أنه فارس الأحلام المنتظر فأضطرهن هؤلاء المسحوقين لإن يستبدلن ذلك بالنحيب على فارس الحلم المصلوب على قارعة الطريق وبلا ذنب سوى ذنب حبه والعشق. من كان يظن أن رأس الإنقلاب الدامي وحامي الحمى سيقف عاجزًا أخرسًا أمام سؤال بداهة يُجيب عليه الأمّي والجاهل جهلًا أعمى..،، ماذا ستفعل من أجل البطالة؟ من أجل الكهرباء؟ هاه هاه لا أدري !! غير أننا لو نظرنا لعجز هذا السيسي المرتعش هو عجز حقيقي واقعي ناتج عن عجز فهم هذا الأخرس لأبجديات الحياة التي يعيشها الشعب والأمة بينما يعيش هو في أحضان الإستعمار الفكري القادم من دور الأمراء وأصحاب السعادة وكهنة البيت الأبيض وتل أبيب وتجار الكبسات واللحوم ! منذ أن عرف نفسه مرتديًا بزته العسكرية لم يكن سوى طالب كهانة عند سيد العرّافين المبجّل، كان مجردًا من ذاته ليؤدي دور النخاسين في التخطيط للإيقاع بين مصر وحبيبها الذي لم يُدرك وبغباء خطر أن تحب معشوقة فاتنة يتكالب عليها كل الأثرياء والإنتهازيين من كل حدبٍ وصوب؛ لذا ليس غريبًا أن يجهل إجابة سؤال خارج أسوار معيشته وقدراته العقلية المسلوبة. كيف لسيسي صغير لا يستطيع التحكم بذاته أن يتحكم بمصير أمة ؟!! غير أن الأمة بشجاعة وحضارة عابرة للحدود عرفت كيف تؤدب الطغيان بمقاطعتها لمهزلة سخيفة يُراد لها أن تبقى واقعًا معاشًا؛ غير أنني أجزم حتى الطريقة التي أختارها أحرار مصر في تأديبهم لن يفهمها هؤلاء الهلاميون لإنهم لا يعرفون للحضارة مكانًا ولا قيمة ولا فهمًا لإنهم مجردون من الشرف أساسًا. إن كل المعطيات والأحداث التي أتت تِباعًا بعد جريمة الإنقلاب الفاشي تؤكد أن أي فكرة وسيلتها الدم والموت لا تبقى وزوالها قدرًا إفتراضيًا، لم يفشل الإنقلاب لكنه إنفضح وتعرّى أمام العالم، لم يفشل لكنه تهاوى إلى مكانٍ سحيق بفعل شباب وسيلتهم الورد يهدونه لمعشوقتهم بإرادة الصدق، من يظن أنه يستطيع سلب الحب والورد هو لا أكثر كمن يُريد من الحمار أن يطير في الجو. لم يكن هناك جيشًا لينقلب على حق الشعب، ولم يكن هناك قائدًا في الجيش ليتزعم هذا السطو المنظم بإسم الجيش، كل ما هنالك عصابة مافيا وشوك حاد زُرع في وسط الورد من أجل تحويله لشوك يُدمي المارة جميعهم، كل ما في الأمر حفنة مرتزقة أندسّوا وسط السلام من أجل إحلاله، إنها حقيقة دقيقة تؤكد أن ما قام به السيسي وعصابته هو شغل 50 عامًا تقريبًا وجاء دور الحصاد فصادف الحصاد المُر وجود المزارع البارع هادئ الطباع رخو التعامل فقضى عليه وأراده قتيلًا في الحال، فصحى الناس ونام آخرون. لن يفهم السيد الحوثي هذه المعطيات وهو السيد القادم من كهوف التطرف وسراديب القتل والإرهاب، ويمني نفسه بالسطو والسيطرة لإعتبارات سحيقة يمني النفس بها أن يكون سيسيًا آخرًا رغم إدراكه شحة المخاطرة التي تبدو على أنها إنتحار وموت سريع. إن المحاولات المُتكررة في اليمن بالإستقواء على الدولة المنشودة وإفشال العملية السياسية وإرباكها وأحلام اليقظة التي يعيشها بعض الواهمين بعودة إستحقاقات الشعب للخلف بوسائل عدة بداية بجر النسيج الإجتماعي لحرب طائفية لعينة ليست سوى نسج خيال مهما خططت تلك القوى الإنقلابية العالمية ومهما عملت لن يكون القرار إلّا للحب للشعب للأمة التي وضعت النقاط على الحروف وليست مستعدة لإن تتنازل عن ذلك ودونها التضحية والوفاء للمحبوب والمعشوقة. لم ينقلب الجيش أيها السادة، وإنما ننتظر منه ذلك كسوار ذهب مُنتظر وهو الإستحقاق الأجمل الذي سيبدوا فيه البطل قائلًا: أخٌ كريم وأبن أخٍ كريم إذهبوا فأنتم الطلقاء.