في هذه الايام ,يبدو الواقع اليمني مسدوداً , ويظهر ان الحوثي هو اللاعب القادر على فرض ما يريد بقوة السلاح , وبعيداً عن منطق السياسة وقواعد اللعبة الديمقراطية؛ لكن بعد تشكيل الحكومة دون حصة تذكر للحوثي , بدأ الناس يتساءلون ,لماذا لا يسيطر الحوثي على الحكومة ويطالب بقطعة كعكة كبيرة؟! ولا حظنا تشدقاً من قبل الحوثي وتسويقاً لنفسه كما لو انهه جاء منقذ للشعب وبالتالي ليس مغرماً بالسلطة, اما صديقي الحوثي (ذو الثقافةالبسيطة) اصبح غاضباً وعندما وجهت له سؤال الشارع ماذا عن الحكومة ؟ اجاب انا ارفضها بالكامل واضاف قائلاً: كان الاحرى بأنصار الله ان يشكلون حكومة بالكامل ..!! ادركت حينها ان جماعة الحوثي ليست معنية بتوضيح الامر لأنصارها, وثبت لي ان جماعة الحوثي مختزلة في شخص " السيد عبد الملك" ولا تبدى اكتراثاً بأفرادها ؛ فضلاً عن التعامل معهم كأدوات مادية لا كائنات بشرية, يجب ان يحترم عقلها, وعلى كل حال فهذه هي ادبيات الحركة التي تمتهن الانسان... صمت قليلاً وأبنت لصديقي, ان الحوثيون يبدون زهداً في السلطة لسببين: اولاً عدم امتلاكهم لكوادر بشرية مؤهلة للحكم , وثانياً لا نهم يدركون ان أي حكومة ستأتي سيكون مصيرها الفشل , في ظل جيش منها وخزينة فارغة ,ومن هنا يريد الحوثيون مراقبة الحكومة من الخارج ؛ حتى الا ان تعجز عن تقديم أي شيء ويظهر غضب شعبي مناهض لها , ثم سرعان ما يتملصون عن مسؤوليتهم ويبررون ذلك انهم غير مشاركين في الحكومة, ثم ماذا يفيد الحوثي المشاركة في حكومة ستكون عبئاً علية ؟ ومن هنا يجب ان نعي , ان الهاجس الاكبر للحوثي هو السيطرة على الجهاز الاستخباراتي بشقيه (السياسي والقومي) والجهازين الاداريين ( هيئة مكافحة الفساد, والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة) وبسيطرتهم على هذه الاجهزة يكونوا قد امسكوا بتلابيب السلطة , واطلعوا على كل التحركات والملفات ومن هنا يمكن لهم اخضاع وابتزاز كل المسؤولين والخصوم السياسيين , وبعد ان اصبح الجميع تحت الرحمة العسكرية للحوثي سيغدون تحت الرحمة السياسية , لجماعة تملك كل تفاصيل تاريخ البلد السياسي الحديث وكل صغيرة وكبيرة الا وتمر من بين يديها , وبعد ان تتمكن الجماعة من "حوثنة" اهم واخطر مؤسسات في البلد, سيتنفس الحوثي الصعداء , ويفتح مشروعه الخاص ؛ لتنفيذه دونما ممانعة من احد؛ بل لا يستبعد ان يبارك جميع من تلطخت اياديهم بدماء واموال الشعب ؛ كي يأمنوا شر من لا يرتجى خيره..!! وبناء على ما سبق يجب ان يستفيق الجميع ويدرك ان الحوثي ليس متبتلاً كما يصور ولا زاهداً كما يدعي ولا اميناً كما يروج ؛ بل "لصاً على هيئة مسبح " وثعلب ماكر , لا يمكن ائتمانه على بلد ... وبالأخير اكثر ما اخاف ان ينسى الناس "حجم الكارثة" وهول العار المتمثل في تسليم بلد لعصابة, ثم يذهبون في الحديث عن لطف الحوثي ,ودماثة اخلاقه, وحسن تعامله ويسلمون بالأمر الواقع ؛ استناداً الى ان الجماعة "طيبة القلب" ويمكن ان تحكم البلد بنفس الطريقة .. فبهذا التفكير تكون الكارثة ... ويتلاشى حُلم شعبنا بخيار " الدولة " الذي ضحى من اجله كثيراً...