إذا كان الحزب الإشتراكي اتجه نحو المرحلة التأسيسية في وثيقته حول تنفيذ مخرجات الحوار وسوغ مختلف الأعذار للتملص من أي استحقاق انتخابي، فالأمر مختلف لدى شريكه الإصلاح في وثيقته حول تنفيذ مخرجات الحوار حيث اتجه حزب الإصلاح نحو تمديد المرحلة الإنتقالية فيما لا يزيد عن عام لإتمام كتابة الدستور والإعداد للإنتخابات. يبدو حزب الإصلاح غير مصاب برهاب الإنتخابات كشريكه في تحالف المشترك، حيث يبدو الإشتراكي قلق من إعراض الجنوب على الإنتخابات وتفجر الإوضاع الأمنية في مناطق الصراع الطائفي مثل صعده والجوف. الأهم من هذا مشكلة الحزب التنظيمية التي التي ربما تضعف من اداءه الإنتخابي وتجعل نصيبه من المقاعد البرلمانية والمجالس المحلية أقل من حقيقة وجوده بالشارع. هذه كلها اسباب وجيهة ومدعاة للقلق لكن نتائج عدم إجراء انتخابات تظل اكثر سوءاً من كل مخاطر اجرائها. فالتوجه نحو ابقاء البلاد بدون شرعية تعود للشعب مباشرة معتمدة على التوافق السياسي النخبوي أمر يتجاوز خطورته كل تلك المخاوف الأمنية والتنظيمية التي لن تزول قريباً. من النقاط الهامة التي ذكرها حزب الإصلاح حول الإنتخابات هو ترك نسبة 30% من قائمة الترشيحات الإنتخابية للمكونات الشبابية المستقلة بينما تنحصر منافسة الإحزاب على 70%، وهو مقترح مهم يفسح مجال لهذه المكونات بالظهور والعمل خاصة إنها ذات إمكانيات متواضعة قياساً بالإحزاب مما يجعلها غير قادرة على المنافسة. لو احتفظ الإصلاح بهذا التعهد دون التراجع عنه أو الإلتفاف عليه من خلال زج اسماء موالية له بصفة مستقلين وللحزب سوابقه في هذا المجال، فيكون هنا حزب الإصلاح حقق أحد اهم تطلعات الإنتفاضة الشعبية لعام 2011 وساهم في استيعاب مكونها الإساسي وهو مكون الشباب المستقل ضمن العملية السياسية بما قد يجدد من دماء الحياة السياسية اليمنية المتجلطة والمصابة بأمراض الشيخوخة. اعتبرت وثيقة حزب الإصلاح المرحلة الإنتقالية ليست فقط مدة زمنية بل هي زمن ومهام، وهي فكرة صائبة كلياً. لذا يطالب الحزب بتمديد المرحلة الإنتقالية ضمن إطار زمني محدد سلفاً وليس مفتوح، والحزب رأي إنه ينبغي ألا تتجاوز نهاية العام القادم، ينتهى فيها من كتابة الدستور وتحديد موعد الإنتخابات. يبدو حزب الإصلاح هنا واضحاً ومحدداً ولا ينجر لإغراء التمديد الطويل وراء افكار معقدة وصعبة التحقق ومخاطرها عالية مثل المرحلة التأسيسية. نأتي هنا لضمانات تنفيذ مخرجات الحوار والتي رأى الحزب إن ضماناتها تنحصر في كتابة دستور واستكمال بناء المؤسسات الدستورية، وحتى إنتهاء مرحلة بناء هذه المؤسسات يتشكل لجنة من مؤتمر الحوار الوطني لمراقبة بناء هذه المؤسسات. في الواقع اختيار اشخاص من مؤتمر الحوار الوطني دون توضيح ماهي آليات اختيارهم أمر قد يفتح باب واسع للتحايل تجيده احزابنا. لذا هذه الفكرة تحتاج لتبلور وتوضيح من الاطراف المختلفة والإصلاح تحديداً. تبدو ورقة حزب الإصلاح مختلفة عن شريكه الحزب الإشتراكي في كثير من المسائل الجوهرية خاصة موقفه من الإنتخابات، لكن يتفقان في نقطتين اساسيتين هما الحديث عن رئاسة بتفويض شعبي وهذه كلمة تحتمل الحديث عن إستفتاء والتمديد لهادي. يبدو واضحاً من سطور مقترحي الحزبين إن الرغبة في التمديد للرئيس هادي محسومة لكن دون تحديد طبيعة الآلية التي يعتزمان اتخاذها لإضفاء شرعية لبقائه في الحكم. بالتأكيد الإصلاح اكبر قوة سياسية في البلاد وإذ ما وصل لإتفاق مع شريكه الإشتراكي وبالتالي اصبح موقف احزاب اللقاء المشترك هو التوافق على الرئيس هادي، فالمسألة بالفعل صارت شبه محسومة. النقطة الثانية المشتركة وهي الحديث عن ضرورة التوافق من خلال تشكيل حكومة توافقية حتى بعد الإنتخابات البرلمانية، وهنا تبدو فكرة التوافق صارت مخرج للأحزاب اليمنية، فالأحزاب الصغيرة تجد موضع قدم لها لا يتسنى عن طريق الإنتخابات والأحزاب الكبيرة تجد فيها مخرجاً لإعفائها من المسؤولية بشكل كامل وتوزيع المسؤولية على الجميع. هذا مكمن خطر، فالطرف الفائز بالإنتخابات يجب أن يتحمل مسؤولية المرحلة ويحاول المحافظة على موقعه من خلال الإداء الجيد في الحكومة أو الفشل وبالتالي خسارة الإنتخابات، أما الإستمراء في الحكومات التوافقية ومنطق المحاصصة بين الإحزاب يعني ضياع المسؤولية وكذلك غياب المعارضة، حيث تصبح جميع القوى السياسية في موقع المسؤولية. ورقة الإصلاح تبدو اكثر اكتمالاً ووضوحاً من ورقة الإشتراكي التي كشفت عن الكثير من المخاوف التي تسكن الحزب الإشتراكي الذي لم يعالج أزماته المتعددة والمتلاحقة. وهي ورقة تتفق مع رؤى الدول الراعية للمبادرة تحديداً الإتحاد الأوروبي التي رفضت في بيان اخير لها فكرة المرحلة التأسيسية وهي فكرة تنطوي على كثير من المخاطر للبلد على رأسها غياب شرعية واضحة لهذه المرحلة وتمديد مشاكل المرحلة الإنتقالية ومصاعبها لفترة زمنية اطول دون استقرار سياسي قريب. لذا تبدو ورقة حزب الإصلاح على علاتها وثغراتها اقرب للإتجاه السليم.