الاردن تعلن سقوط صاروخ مجهول المصدر بمحافظة معان    إب .. اختناق جماعي داخل بئر يودي بحياة 6 اشخاص    إب .. اختناق جماعي داخل بئر يودي بحياة 6 اشخاص    الرأسمالية المتهالكة تواجه أعمق أزماتها: هل ينقذها "عرّاب الصفقات" ترامب؟    مكتب زراعة الأمانة يكرم مركز الشهيد "هاني طومر" الصيفي ب200 شتلة من الأشجار المثمرة    فرنسا ردا على إسرائيل: لا أحد يملي علينا موقفنا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية    قبائل القفر تعلن النفير لمواجهة العدو وإسناد غزة    علماء روس يطورون طريقة للتنبؤ بالأمراض الوراثية والمناعية    إسرائيل تعترض صاروخا حوثيا.. وتوقف مؤقت للملاحة في مطار بن غوريون    اليمن ترحب بإعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا وتشيد بالدور السعودي    تحديات أمام مستقبل الجنوب    الوطنية توضح حول أسعار منتجاتها من مادة الاسمنت    الكلمةُ شرفٌ لا يُباع.. ومسؤولية لا تُزوَّر    الفريق الوطني يطالب بزيارة اممية لسجون المجرم "طارق عفاش"    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 13 مايو/آيار 2025    النفط يتراجع من أعلى مستوى له في أسبوعين    السعوديّة وأمريكا توقّعان صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار هي الأكبر في التاريخ    ميلان يواجه بولونيا في نهائي كأس إيطاليا غدا    إنتخاب اللاعب طه المحاقري رئيساً للجنة الرياضيين باللجنة الأولمبية اليمنية    مناقشة أوجه التعاون بين وزارة النفط والمركز الوطني للوثائق    "البكري" يستقبل السفيرة البريطانية "شريف" ويبحثان سبل التعاون ودعم الشباب    مصر تستعيد 25 قطعة أثرية من واشنطن    برعاية وزير الأوقاف.. وكالات الحج والعمرة تقيم اللقاء السنوي مع الحجاج في العاصمة عدن    وزير النقل يعلن جهوزية مطار صنعاء لاستقبال الرحلات    البغدادي يكشف عن اخفاء قسري لمحامي في صنعاء ويطالب بالاسراع في كشف مصيره    حكيمي رابع مغربي يتوج بجائزة أفضل لاعب أفريقي بالدوري الفرنسي    مليشيا الحوثي تختطف عمال محلات تجارية ك"رهائن" لإجبار أصحابها على دفع جبايات    مركز نهم الجمركي يحبط محاولة تهريب كمية من الزبيب الخارجي    وزير داخلية مصر يصدر أمرا ببحث شكاوى اليمنيين والافراج عن المحتجزين    كفى عبثًا!!    البعثات الطبية الصينية في وادي حضرموت    علماء يحققون اكتشافا مذهلا عن الأصول الحقيقية لليابانيين    ألونسو يطلب صفقات لترميم دفاع الريال    الحكومة اليمنية تحظر المظاهرات دون ترخيص مسبق    بقايا وطن..    الترب: بحكمة أبناء اليمن سنتجاوز تدخلات دول العدوان    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تتضامن مع الصحفي عدنان الأعجم    تدشين دليل الخدمات المرورية في مركز الإصدار الآلي الموحد    عودة الهدوء إلى طرابلس بعد اشتباكات أودت بحياة عسكريين منهم ضابط كبير    "اليونيسيف" تطلق مبادرة للحد من نقص التغذية في اليمن    المناخ الثوري..    اللواء ناصر رقيب يشيد بإنجازات القوات الخاصة في مأرب    فتاوى ببلاش في زمن القحط!    اللجنة الأولمبية اليمنية تجري انتخابات الطيف الواحد للجنة الرياضيين        قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي    الكشف عن شعار كأس العالم للناشئين 2025    بن بريك لن يستطيع تنفيذ وعوده التي تحدث عنها لصحيفة عكاظ السعودية    اكتشاف رسائل سرية مخفية على مسلة مصرية في باريس    وداعاً...كابتن عبدالله مكيش وداعاً...ايها الحصان الجامح    صبحكم الله بالخير وقبح الله حكومة (أملصوص)    حقيقة استحواذ "العليمي" على قطاع وادي جنة5 النفطي شبوة    نساء عدن: صرخة وطن وسط صمت دولي مطبق.!    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هنري كيسنجر: أفضل نتيجة ممكنة هي سوريا مُبَلقنة ومجزأة
نشر في نشوان نيوز يوم 15 - 07 - 2013

هنري كيسنجر بعد تقديمه من قبل الرئيس بصفته «المبجل الدكتور كيسنجر»، بدأ رجل السياسة المحنك البالغ من العمر 90 عاماً درساً ممتعاً في التاريخ. قدم كيسنجر عرضاً مفصلاً يبين فيه كيف تم تصميم الدولة السورية الحالية من قبل القوى الأوروبية، كما حدث في حالة دولة العراق المجاورة:«أولاً، سوريا ليست دولة تاريخية. فقد تم خلقها في شكلها الحالي بهدف تسهيل السيطرة على البلد من قبل فرنسا، بناءً على قرار انتداب من الأمم المتحدة. كما تم إعطاء العراق المجاورة شكلاً غريباً يسهل سيطرة إنكلترا عليها. كما تم تصميم كلا البلدين لعرقلة سيطرة أي منهما على المنطقة.»
نتيجة لجذور سوريا غير التاريخية، يقول كيسنجر، تم تصميم سوريا كوحدة قومية مصطنعة مكونة من قبائل ومجموعات إثنية مختلفة. ومع تطور «الثورة» الأخيرة إلى نوع من الفوضى، يعلق كيسنجر على طبيعة الوضع الراهن: «في الصحافة الأمريكية يتم وصفه على أنه نزاع بين الديمقراطية والدكتاتور – حيث يقوم الدكتاتور بقتل شعبه، وعلينا أن نعاقبَه. ولكن هذا ليس الذي يحدث بالفعل. من المحتمل أن بعض الديمقراطيين قد أشعلوا هذا النزاع. لكنه، بشكل عام، نزاع إثني وطائفي.»
«إنها الآن حرب أهلية بين مجموعات طائفية» تابع كيسنجر قائلاً. «وعلي أن أقول إننا لم نفهم الوضع منذ البداية. إذا قرأتم صحافتنا تجدون أنهم يقولون: علينا أن نتخلص من الأسد. وإذا تخلصنا من الأسد، عندها نقوم بتشكيل حكومة ائتلافية. لكن هذا غير ممكن. أنا أفضل التخلص من الأسد، لكن الخلاف بيننا وبين الروس هو أن الروس يقولون: أنت لا تبدؤون بمحاولة التخلص من الأسد، فهذا ليس هدفكم الرئيسي، بل بتحطيم إدارة الدولة وسوف يؤدي ذلك إلى ما حصل في العراق – أي لن يبقى هناك شيء يحافظ على وحدة الدولة. ومن ثم ستكون هناك حرب أهلية أسوأ بكثير. هكذا وصلنا إلى هذه الفوضى الحالية.»
كان كيسنجر قد علق سابقاً على رغبته في تقسيم الدول المناوئة للولايات المتحدة إلى أجزاءَ صغيرة، حيث تعمل الفوضى الناشئة على تسهيل إدخالها في النظام الكوني. وهذه هي، من الناحية الجوهرية، قاعدة «فرق تسد». وتتساوق تعليقات كيسنجر الأخيرة هذه مع تصريحاته السابقة التي يروج فيها لفكرة استغلال الاضطرابات الاجتماعية والاحتجاجات الاجتماعية الجماهيرية كوسيلة لتوحيد الأمم (بما في ذلك الولايات المتحدة، بالمناسبة) في «نظام عالمي».
«يجب أن تكون الولايات المتحدة جزءاً من نظام دولي نخلقه داخلياً» قال كيسنجر ﻠ « هارفارد كريمزن » في سنة 2012. وعندما سئل عن أهم المشاكل التي تواجه المجتمعَ الأمريكي اليوم، أجاب كيسنجر آنذاك:«دولياً، المشكلة هي أن هناك اضطرابات في كل مكان من العالم، لكن هذه الاضطرابات لا تتبع نفس الأسباب، لذلك على الولايات المتحدة أن تكون جزأ من نظام عالمي نقوم بخلقه داخلياً.»
إن مفهومَ الهيمنة على الأزمات والاضطرابات، التي يمكن أن تختلف أسبابها من أمة إلى أخرى، بهدف إقامة نظام عالمي ينسجم بدقة مع القاعدة الذهبية للنخبة، أي أن أفضل طريقة لخلق نظام كوني هي من خلال الفوضى. وفوق ذلك، يقدم لنا كيسنجر لمحة عن الهدف الحقيقي الذي يصبو إليه هو وعصابته من المهندسين والبنائين، حيث يقول بعدة كلمات بضرورة الهيمنة على الاضطرابات المدنية – سواء كانت نتيجة لأوضاع اقتصادية، أو سياسية، أو اجتماعية – بهدف توحيد الأمم في «نظام عالمي» مرغوب.
في مقالة نشرت في كانون الأول/ديسمبر 2008 (« بريزنبلانيت دوت كوم »)، ذكرَ أن كيسنجر، في مقابلة مع محبوب هؤلاء البنائين العالميين تشارلي روز، « أشار إلى الفوضى التي تعم العالم نتيجة الأزمة المالية وانتشار الإرهاب بصفتها فرصة لتشكيل نظام كوني جديد، » كما كتب ستيفن واتسون.
« أعتقد أنه عندما تقوم الإدارة الجديدة بتقويم الموقف الذي ترى نفسها فيه، سوف ترى أزمة كبيرة ومشاكلَ هائلة، ولكن أعتقد أن بمقدورها أن ترى وميضَ أمل يمكنها من بناء نظام عالمي من هذه الفوضى، » قال كيسنجر لروز قبل بضع سنوات.
* * *
هذا الحديث عن الأزمات والاضطرابات بصفتها مجرد وسيلة يستخدمها بلد معين آخر لتحقيق هدف كوني مركزي يمكن أن يشيرَ إلى خطة كامنة عابرة للقوميات – وهو مفهوم خبيث يتبع منهج الديالكتيك الهيغلي التقليدي، أي إن المشكلة (سواء كانت حقيقية أم مصطنعة) تخلق ردة فعل تسمح بدورها للنخبة بتقديم الحل على صحن من فضة. وقد خطر لي أن كلمات كيسنجر المشؤومة تستحضر ما كتبه ألكزاندَر ويندت من جامعة شيكاغو، الذي قال في سنة 2003 في أطروحته التي تحمل عنوان « ما الذي يجعل الدولة العالمية حتمية: الغائية ومنطق الفوضى»:
« لم تنتهِ الصراعات القومية التي تهدف إلى تحقيق الذات القومية، ويمكن لدول جديدة – « فوضى جديدة » – أن تنشأ. ولكن مع أن مزيداً من التشظي هو بمثابة خطوة إلى الخلف، إلا أنه أيضاً شرط أساسي للتحرك نحو الأمام، بما أن استقرارَ كيان أكبر مرهون بالاعتراف بالفوارق. (…) ولذلك فإن بناء الدولة العالمية ممكن من خلال تشجيع الحركات القومية وليس قمعها.»
يمكن لهذه الكلمات أن تلقي الضوءَ على الكلمات التي يقولها كيسنجر وزملاؤه القومجيون الكبار، حيث تكشف أنهم واعونَ جداً لحقيقة أن مجرد الدعوة إلى دولة عالمية لن تنجحَ في تحقيقها – حتى أنها يمكن أن تنتجَ ردَ فعل عكسياً إذا تم طرحها بشكل مباشر جداً – وأن الطريقة المثلى لتحقيق هذا الهدف نفسه هي من خلال تقسيم وبلقنة الدول القومية، سواء في الشرق أو الغرب، بهدف توحيد تلك الأجزاء فيما بعد في بنية كونية تتم تسميتها، عادة، بالنظام العالمي الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.