الزنداني... الشيخ الداعية والسياسي القائد    بن دغر يعزي قيادة الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني ويثمن أدواره النضالية    "يجعله جدي يتصدر المجلس"...حفيد ابن باز ينعي رحيل الشيخ الزنداني    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    برشلونة يعتزم بيع اراوخو    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    رئيس مجلس القيادة يجدد الالتزام بخيار السلام وفقا للمرجعيات وخصوصا القرار 2216    مركز الملك سلمان يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في الجوف    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    مفسر أحلام يتوقع نتيجة مباراة الهلال السعودي والعين الإماراتي ويوجه نصيحة لمرضى القلب والسكر    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    إنزاجي يتفوق على مورينيو.. وينهي لعنة "سيد البطولات القصيرة"    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    مأساة في اليمن.. مقتل 28 طفلًا منذ يناير بألغام مليشيا الحوثي    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    الشيخ بن بريك: علماء الإسلام عند موت أحد من رؤوس الضلال يحمدون الله    لابورتا بعد بيان ناري: في هذه الحالة سنطلب إعادة الكلاسيكو    القبض على مقيم يمني في السعودية بسبب محادثة .. شاهد ما قاله عن ''محمد بن سلمان'' (فيديو)    انقطاع الشريان الوحيد المؤدي إلى مدينة تعز بسبب السيول وتضرر عدد من السيارات (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    دعاء مستجاب لكل شيء    الحوثيون يستجيبون لوساطة قبلية للسماح بإقامة مراسيم الدفن والعزاء للزنداني بصنعاء    في اليوم ال 199 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.. 34151 شهيدًا ونحو 77084 جريحا    ذمار: اندلاع حرب أهلية مصغرة تُثبت فشل الحوثيين في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    رئيس مجلس النواب: الفقيد الزنداني شارك في العديد من المحطات السياسية منذ شبابه    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني يبعث برقية عزاء ومواساة الى اللواء احمد عبدالله تركي محافظ محافظة لحج بوفاة نجله مميز    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    انخفاض أسعار الذهب مع انحسار التوترات في الشرق الأوسط    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    النقد الدولي: ارتفاع الطلب الأميركي يحفز النمو العالمي    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعيدوا زهرة المدائن عدن سيرتها الأولى.
نشر في سما يوم 22 - 03 - 2020

عدن التي عرفت المدينة والناس، العيش والتعايش، الموقع والمكان والأهمية، لوحة خاصة لها تميزها وطابعها الخاص، وعبقها المعطر بروائح الفل والورد والكاذي، المختلط بروائح البخور العدني، المميز والمتميز، ترسم لوحتها ابتسامات الوجوه، المختلطة بروائح العطر والبخور، في حافاتها وشوارعها. عدن مدينة الحب والمحبة والمحبين، عدن التي لا تعرف الكراهية وحروب الأديان، مَدينة تُغلف سمائها أصوات المآذن، المختلطة بأجراس الكنائس، وترانيم معابد اليهود والفرس والسيخ والهندوس، مَدينة جمعت مختلف الأديان والملل، ناسها يعبدون آلهتهم في معابدهم، ويتعايشون في حاراتهم وشوارعهم تجمعهم الأخوة الإنسانية وحسن الجوار، في كل حوافي وشوارع عدن.
عشت بكريتر في الميدان أمامنا مدرسة أروى للبنات، وخلفنا نادي الحسيني ( مقر حزب التجمع الوحدوي الآن) وعلى شمالنا مطعم البحر الأحمر لصاحبه العرشي، وعلى يميننا أمام ساحة مفتوحة لمطاعم الكراعين المميزة بقالة الجار ابن حضرموت الشحاري من الشحر، أتذكر جيراني الدكتورة بنتو الهندية الأصل أشهر طبيبة نساء في عدن وبابورها المرسيدس الأسود، وجارنا فارع العزعزي حارس المدرسة، وجيراننا من بيت الصنعاني، ومن بيت مطهر، وجيراننا من الفرس والبينيان والهنود، لم نكن نعرف أصولنا من أين كل ما نعرفه أننا أهل وجيران وأبناء حافة، ولا أتذكر مطلقاً أي من هذه المسميات الطافحة من مجارير ثقافة الكراهية المتداولة اليوم، نلعب ونختلف وتتضارب في شوارعها التي لا تعرف الكدافة أو قبح المنظر، لم نكره بعضنا ولم نقاطع بعضنا، وهذ هو جو المدرسة وزملاء الدراسة، المدرسة التي كنا نخشى دخولها وأجسامنا غير نظيفة وشعرنا غير ممشط ومدهون، وملابسنا غير مكوية وجزمنا البيضاء غير نظيفة.
أما عدن الموقع والإقتصاد فتميزها جعلها درة التاج البريطاني، وتميزت مدينة عدن في جنوب الجزيرة العربية والشرق الأوسط بمعلمين إقتصاديين بارزين، الأول ميناء عدن الرابط -الذي لا يزال- للطرق البحرية بين الشرق والغرب وأستراليا وإفريقيا، فبه تحط السفن المبحرة ذهاباً وإياباً بين الشرق والغرب، مما جعله ثاني ميناء على مستوى العالم، وأتذكر أفواج السياح " الباسنجر" التي لا تنقطع وهم يتجولون للتسوق في دكاكين التواهي والمعلا وكريتر، فهي الميناء الحر الذي سبق كل المواني، وكانت أحيانا المحلات لا تقفل أبوابها، وكان من خلاله يتم تزويد اليمن والجزيرة بإحتياجاتهم. أما معلمها الإقتصادي والمتميز الثاني فكان تكرير النفط والذي بدأ بإنشاء خزانات النفط التي أنشأتها شركة البترول البريطانية المعروفة(BP) في التواهي عام ١٩١٩ م لاستقبال النفط المكرر في مصفاة عبدان، حيث كان ميناء عدن يقوم بتزويد السفن المغادرة والعائدة من وإلى أوربا وأمريكا بالوقود، ثم بعدها تم إنشاء مصفاة عدن التي بدأ تشغيلها عام ١٩٥٩ م، في مدينة عدن الصغرى والتي أشترتها بريطانيا من العقارب وكان اسمها جزيرة إحسان وأصبحت المصفاة تستقبل جزء من بترول الخليج وتقوم بتكريره.
عدن نتاج هذه الميزات الثلاث الموقع والسكان بتعايشهم الأخوي، والميناء والمصفاة، وبالتالي شكلت عدن رافداً اقتصادياً مهماً للإقتصاد البريطاني. اليوم غابت عن عدن أصوات المآذن وأجراس الكنائس وترانيم المعابد وتعايش الأهل والجيران، خيم الموت والدمار وسكتت ترانيم المآذن والمعابد، وتعالت أصوات الثكالى والأيتام والأرامل، ممتزجة بأنين المصابين وحشرجات المغدورين والمقتولين. أختطف الناس وقتلوا في بيوتهم وشوارعهم، تم قتل العيش والتعايش والجيرة والمحبة، وطغت رائحة الموت والبارود وروائح المزابل، واختفت روائح البخور والعطور والورود، اختفت الإبتسامات بناسها، فلقد حصدتهم الحروب المناطقية وخرابها، وأكملت على من تبقى منهم الإغتيالات وثقافة الكراهية والتهجير، وتوقف الميناء والمصفاة والمطار، كموارد للإقتصاد والتنمية، وأدخلت ثقافة الكراهية عدن في صراعات وحروب الهيمنة المناطقية والإقليمية والدولية.
هذه ليست عدن التي أحببنا وعرفنا، وعشنا وتعايشنا فيها، كمجتمع محب ومتناغم، لقد تحولت إلى مكب لنفايات صراع الهيمنة والكراهية والمناطقية، ولن يجني أهلها سوى النتن والموت والكراهية والصراع.
أعيدوا عدن التي عرفنا، عدن العيش والتعايش، أعيدوا زهرة المدائن لسيرتها الأولى، لتكون درة اليمن الإتحادي وعاصمته، وقلب التواصل بين الشرق والغرب ومركزا لتجارة مشروع الطريق والحرير.
د عبده سعيد المغلس
٢١-٣-٢٠٢٠


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.