كانت الأمطار في هذه السنوات ضعيفة والجفاف قد بدأ يضرب الأراضي الزراعية وأصبح الوضع صعباً جداً وبدون شحنات خارجية من الحبوب سينتهي الأمر بمجاعة على مستوى البلاد وكان توتر الجنوب ضد السعودية يتصاعد بصورة مستمرة ومع ذلك، كانت المشكلة الأكثر تعنتا هي الإرياني الذي أصبح رجل دولة وله سيطرة على أجزائها كما قال في عام 1969م أرى أنه من الضروري الإعلان عن ثورة إدارية كاملة تهدف أولا إلى السيطرة على الفساد الإداري والفوضى وسوء الاستخدام لموارد الدولة وسلطاتها، كان لدى شمال اليمن في ذلك الوقت 775 شخصية حكومية غير عادية براتب ورتبة وزير وقد تم تقدير الإعانات التي دفعتها صنعاء لشيوخ القبائل في عام 1972م حوالي 40 مليون ريال يمني وهذا المبلغ يعادل ثلاثة أضعاف ونصف قيمة الزكاة التي تم تحصيلها من المزارعين وغالبًا ما يساعد الشيوخ والضباط أنفسهم في التمويل كما أرتفع عدد البيروقراطيين من 4,000 في السنة الأولى من الثورة إلى أكثر من 13,000 بحلول عام 1969م وأستمر في الارتفاع إلى 30,000 منتصف العقد. أعتاش الكثير منهم على الفساد المالي والإداري ،لم يكن الوصول إلى الموارد الإدارية سهلا للكثير وكما وصف برينكلي ميسيك أستاذ الأنثروبولوجيا ودراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا ومدير معهد الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا الوضع في إب من خلال الاختلاف في ملابس الناس وذلك من الملابس البسيطة للفلاحين إلى ملابس راقية من عدة طبقات للقضاة والسادة إلى ملابس حديثة غربية للموظفين في المكاتب الرسمية كان التعامل مع الموظفين في المكاتب من اجل انجاز المعاملات صعبا جدا بدون أن يكون لديك معارف في الديوان الحكومي أو أن يكون لديك وسيط من أجل استكمال إجراءات إدارية بسيطة كانت الرشوة والمحسوبية متفشية بكثرة. بدأت في قرى إب حركة للتمرد والعصيان على النظام السياسي البيروقراطي الفاسد وفي عام 1970م أعلنت منظمة المقاومين الثوريين في اليمن أنها تقود صراعا ضد القوى الإقطاعية والرجعية و الخطط الإمبريالية في اليمن و احتوت المنظمة على أعضاء من الحرس القديم من الحزب الديمقراطي الثوري وهؤلاء صدقهم ليس موضع شك ولا شجاعتهم وقد مات الكثير منهم تحت التعذيب استولت على أراضي الإقطاع الشيخ أحمد بن المنتصر ووزعت هذه الأراضي على جماهير الفلاحين الفقراء على الرغم من المعارضة الشديدة من مرتزقة الشيخ الإقطاعي سنان أبو لحوم المعروف جيدًا بتوظيفه لرد الفعل السعودي و بصلاته بالمخابرات المركزية الأمريكية والنظام السعودي. الأراضي المنتزعة ما تزال هناك ولكن وكما يذكر أن سنان معروف محليا على أنه يقاتل ليس من اجل مصالح الفلاحين المحرومين بل من اجل حكومة شبه مستقلة تحت إمرة عهد الشيخ علي الفاصح وهذه الحكومة منشقة منذ عهد السلال الشيخ منصور الحسن وهو من اكبر الإقطاعيين في ريمة والذي لم يجد معارضة او تحدي لنفوذه من قبل الفلاحين أو اليساريين وقف ضده احد الضباط السابقين والذي حاول إزاحته عن المشيخة واسترداد الأراضي التي يتحكم بها ولكنه فشل في ذلك وكانت هذه بداية غليان شعبي ضد الإقطاع وبدأت سلسلة من العمال المناهضة للإقطاعيين وبدأت حركات التمرد تظهر بشكل أكبر كانت هذه بداية انتفاضة للفقراء ضد الاضطهاد وأصبح يتكرر هذا النمط من الثورات على نطاق واسع كان النضال في جزء كبير منه موجها ضد النفوذ السعودي في اليمن, على سبيل المثال انفجرت قنبلة في مديريه الجباه في مآرب في قصر أِحد التابعيين للنظام السعودي وهو ناجي بن منصور نمران والمعروف عنه بولائه للسعودية وهو احد مشايخ مراد من قبائل جنوبمأرب والتي شاركت في اغتيال الإمام يحيى وكانت هذه الحادثة دليل على مستوى الغضب الشعبي من التدخل السعودي ومن عملاء السعودية في اليمن.