ما من شك أن عاملي تجاور الجغرافيا وتقارب الأيديولوجيا بين «الصين»و«روسيا»، بالإضافة إلى ما تمثله «روسيا» ومن قبلها الاتحاد السوفيتي - كونها القوة النووية الأولى- من جدار صدٍّ يحول دون التغول الغربي «الأمريكي الأوروبي» كل ذلك يبعث لدى الشعب الصيني روح التعاطف مع «روسيا»، على اعتبار أنها -من وجهة نظر شعب «الصين» الأكثر وعيًا بما تحيكه «أمريكا» لخصومها الشرقيين- حامي حمى آسيا. ومن هذا المنطلق فإن شعب «الصين» من أكثر شعوب الأرض إدراكًا لأبعاد الإشكالية الروسية الأوكرانية وأكثرها يقينًا أن تفجُر الوضع العسكري كان وما زال ناجمًا عمَّا ارتكبته القيادة الأوكرانية المتمرغة في مستنقع العمالة والأنانية من أعمال تآمرية خيانية لاإنسانية قد تتسببُ مُترتباتها الاضطرارية بنشوب حربٍ عالميةٍ من شأنها القضاء التام على مستقبل البشرية. لكن بعض الناشطين اتخذ من كثرة عدد سكان «الصين» ذريعةً ومبررًا لإفهام العوام بحقيقة ما يدور على المسرح الأوكراني وما يحيكه حلف شمال الأطلسي -بفعل الغباء المتذاكي ل«فولوديمير أوليكساندروفيتش زيلينسكي»- ضدَّ الدبِّ الروسي من مكائد عرَّضت «أوكرانيا» لانصباب ما ينصبُّ عليها -لقرابة نصف عام- من جام الانتقام. فقد افترضَ الناشطُ المبدع أنَّ الأغلبية السكانية الصينية التي تناهز المليار ونصف المليار نسمة لم تعِ –بعد- الصراع الروسي الأوكراني، وحتى تفهمه عمدت «بكين» -بسحب خيال الناشط وعقليته الملهَمة- إلى بسط الإشكالية المبهَمة أمام شعبها من خلال دراما رمزية أشبه ما تكون بالملحمة، أورد نصَّها الدراماتي في ما يأتي: (لأنَّ الزواجَ والطلاقَ سنتانِ من سنن الحياة، فقد طُلِّقتْ الزوجةُ «أوكرانيا» من زوجها «روسيا» منذُ أكثر من 20 سنةً مضت بفعل كيد الوشاة. إلا أنَّ سابقَ الارتباط بين الزوجين قد أدى -فضلاً عمَّا كان الزوج قد تكبَّدهُ في تأثيث بيت الزوجية من تكلفة- إلى إنجاب ثلاثة أطفال. وقد كان الزوج «روسيا» كريمًا جدًّا، فبالإضافة إلى أنه ترك لمطلقته «أوكرانيا» -تحفيزًا لها على معاملة أطفاله معاملة حسنة- مالاً وفيرًا، بادر -غير ملتفتٍ إلى عِظم الميراث الذي آل إليها من أبويها- إلى تسديد ديونها التي بلغت –آنذاك- 200 مليار دولار. لكن فور إتمام إجراءات الانفصال الذي هو أبغض الحلال بدأت المطلقة بمغازلة فتى سفيه «الولاياتالمتحدةالأمريكية» ومعه بعض معجبيه «الغرب». وبعد وقت قصير من الافتراق أخذت المطلقة في الاستماع إلى رأي الوشاة إياهم. وعلى وقع تحريضهم بدأت المطلقة تهاجم أبا أبنائها بشدَّة، بل وتنحاز إلى صفهم ضدَّه. فغضب المطلِّق من تصرفات مطلَّقته النكراء، ولم يلبث أن أخذ منها طفله «شبه جزيرة القرم» قسرًا. فجاهرت المطلقة -عبر رد فعل غاضب- إنها ستتزوج عدو مطلقها التاريخي «الناتو بمكوناته»، لإجبار مطلقها –بمساعدة عشيقها وشريكها في ما تمارسه ضد الأطفال من ظلم- على إعادة الطفل «شبه جزيرة القرم». بيد أن العشيق «الناتو وعلى رأسه أمريكا» أبدى تردُّدًا عن الزواج خوفًا من مصادمة مطلقها «روسيا»، لكنه استمر يخطط للاستفادة من المطلَّقة «أوكرانيا» في تركيع خصمه اللدود مطلقها «روسيا». والحقيقة أن المطلَّقة كانت أمًّا سيئة السمعة، فقد كانت -من وقت إلى آخر- تضرب طفليها الآخرين «لوغانسك» و«دونيتسك» نكاية بأبيهما. فما كان من الطفلين إلاّ أن طلبا المساعدة من والدهما الذي كان يساعد أطفاله -من وقت إلى آخر- ماديًّا، ويتشاجر –بسببهما- مع مطلقته الناكرة للجميل الضالة عن سواء السبيل. أما اللص أو العشيق الغربي ممثلاً ب«أمريكا» الذي لم يتجاوز تمنيتها بالزواج حدود الإغراء، فقد كان هدفه -من توسيع ما بينها من هوَّة وتحريضها على الاستقلال بطفليها واستعادة ثالثهما بالقوَّة- هو استنزاف ما تملكه من ثروة، وفي مسعى من ذلك العشيق البارع في اللصوصية «أمريكا» والغرب في رفع وتيرة تحدي واستفزاز مطلقها كي يقحمها معه في مواجهة توشك أن تحرقها فقد أعطاها هدايا متنوعة ما بين «البسةٍ بالية، وأسلحةٍ منخفضة الفعالية، ومعداتٍ منتهية الصلاحية». وفي تلك الأثناء كانت المطلقة الرعناء «أوكرانيا» تتوهم أن لديها ظهيرًا جديرًا بالركون إليه، فأمعنت في استفزاز المطلِّق المستفَز بأسلوبٍ مقزِّز. وفي محاولة من أب الأطفال لتدارك حرب الدفاع عن حقوق طفليه الوشيكة الاشتعال طلب من أحد ذوي القربى «بيلاروسيا» التوسط لحفظ حقوق طفليه المنتهكة من أمهما «أوكرانيا» التي تتعمدهما بجرائم شنعاء، وإذ لم تجد تلك الوساطة نفعا، فقد نفذ صبر الزوج «روسيا»، فشرع في اتخاذ ما يتوجب عليه من التدابير الكفيلة بحماية حقوق أطفاله «دونيتسك» و«لوهانسك»، وسارع في تنفيذ تلك التدابير على عجالة. حينها بدأت مطلَّقته «أوكرانيا» ومحرضوها «الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي» بالخوف من مترتبات غضبته، وأحجم المتنمر الرئيسي «الولاياتالمتحدة» عن الاحتكاك المتصل بالمطلق المنفعل، وترك المطلقة تتلقى –منفردة- صفعاته الصاعقة. والآن ها هو المطلق «روسيا» يتحكم -بحكم الواقع والمنطق- بمصير أطفاله «شبه جزيرة القرم، ولوغانسك، ودونيتسك»، ويرسم لهم الخطوط العريضة لصنع مستقبلهم بأنفسهم، ويوشك أن ينتزع لهم استقلالية تامة عن وصاية أمهم التي أمعنت في ظلمهم).