واصل سهم شركة النفط "أرامكو السعودية" تراجعه الملاحظ خلال العام الحالي، مسجلاً قاعاً سنوياً جديداً للمرة الثالثة هذا الأسبوع، ليقترب من مستوياته الهابطة التي سجلها منذ نحو خمسة أعوام، وتحديداً منذ مارس (آذار) 2020، خلال أزمة جائحة كورونا. ومنذ بداية العام وحتى نهاية تعاملات جلسة اليوم الخميس، هبط سهم "ارامكو" بأكثر من 17 في المئة ليجري تداوله حالياً دون مستوى 24 ريالاً (6.4 دولار)، وينهي تعاملات اليوم عند 23.88 ريال (6.45 دولار)، مقترباً بذلك من أدنى مستوياته منذ مارس 2020، وتزامن الأداء السلبي للسهم مع تراجع خام "برنت" إلى مستويات ما بين65 و66 دولاراً للبرميل. ومع نهاية تعاملات الأسبوع الجاري وإغلاق السهم عند 23.13 ريال (6.25 دولار) وتداول النفط قرب 66 دولاراً، أعاد سهم "أرامكو" اختبار القاع التاريخي لشهر مارس 2020، ومنذ ذلك الوقت حافظ على ارتباط وثيق بحركة أسعار النفط، فانعكس كل صعود لخام البترول إيجاباً عليه، وكل هبوط في الأسعار العالمية ألقى بظلاله على أدائه. ومن الناحية الفنية ومع عودة السهم لمستويات قرب 23 ريالاً (6.21 دولار)، تأكدت هشاشته أمام سيناريو ضعف الطلب وزيادة المعروض، مما يفرض على المستثمرين التعامل بحذر مع وزنه الثقيل على المؤشر العام للسوق السعودي. تاريخ الأداء ومع اندلاع أزمة كورونا في مارس 2020 هبط سهم "أرامكو" 30 في المئة، متأثراً بانهيار اسعار النفط وفي المقابل خسر خام "برنت" ما يقارب 80 في المئة من قيمته، متراجعاً من ذروة قرب 90 دولاراً إلى أقل من 20 دولاراً للبرميل، وهو أكبر انخفاض منذ عقود نتيجة انهيار الطلب العالمي وحرب الأسعار بين السعودية وروسيا. وبنهاية عام 2020 ظل سهم "أرامكو" يتداول من دون مستويات ما قبل الجائحة، بينما تعافى "برنت" جزئياً ليغلق قرب 43 دولاراً للبرميل، ومع تحسن الطلب العالمي عام 2021، ارتفع النفط إلى متوسط 70 دولاراً تقريباً مما انعكس إيجاباً على السهم ليبدأ بالصعود التدرجي. أما في عام 2022 فشهد ذروة أسعار الطاقة حين بلغ "برنت" قمة قرب 100 دولار وسط تداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية، وبالتوازي سجل سهم "أرامكو" قمته التاريخية حول 40 ريالاً (10.7 دولار)، لكن مع انحسار الزخم وبدء المخاوف حول النمو العالمي والمعروض النفطي، تراجع مجدداً من هذه القمة. وخلال عامي 2023 و2024 تشابه الأداء بعد أن عادت أسعار النفط للتراجع إلى نطاق أدنى من 80 دولاراً، ومعها واصل سهم "أرامكو" انخفاضه التدرجي تحت وطأة ضغوط بيعية متزايدة، وعلى رغم أن التوزيعات النقدية الكبيرة للشركة منحت بعض الدعم للمستثمرين لكن القيمة السوقية تآكلت مع استمرار غلبة العوامل السلبية. موجة بيعية حادة وأكد محللون أن الأداء الهبوطي لسهم شركة "أرامكو" منذ بداية عام 2025 وحتى نهاية تعاملات الأسبوع الجاري يعود للموجة البيعية الحادة التي يواجهها بسبب تجدد الأزمات الجيوسياسية والتجارية، مشيرين إلى أن السهم يواجه تحديات جديدة هذا العام بسبب المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، خصوصاً في الصين، مما ينعكس سلباً على إيرادات الشركة. وأوضحت المتخصصة المعتمدة لدى أكاديمية "كي ويلث" في الرياض مها سعيد أن هذا الأداء السلبي ترافق مع تراجع خام "برنت" إلى مستويات 65 و66 دولاراً للبرميل، في ظل توقعات متزايدة بوجود فائض في المعروض العالمي خلال النصف الثاني من العام الحالي، مؤكدة أن هذا التراجع، وعلى رغم أنه لا يزال ضمن الحدود الطبيعية، أثار قلق بعض المستثمرين حيال استدامة الأرباح في ظل بيئة أسعار نفط أقل دعماً. بدوره قال نائب رئيس شركة "مباشر كابيتال" إيهاب رشاد إن التباطؤ في النمو العالمي والسياسة النقدية المتشددة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي تسبباً في تحويل رؤوس الأموال من الأسهم إلى أصول ذات عائد ثابت، مما أثر في شهية المخاطرة تجاه قطاع الطاقة بصورة عامة، مؤكداً أن عوائد "أرامكو" المستقبلية ستواجه ضغوطاً مع بقاء الإنفاق الرأسمالي مرتفعاً والحاجة إلى تمويل مشاريع ضخمة ضمن "رؤية 2030". من جهته قال المحلل المالي محمود عطا إن التراجع الذي يشهده السهم يعود بصورة أساس لتراجع أسعار النفط العالمية، موضحاً أن الهدف الرئيس لشركة "أرامكو" يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتقلبات أسعار النفط، ومشيراً إلى أن سعر خام "برنت" تراجع خلال الفترة الأخيرة لما بين 66 و70 دولاراً للبرميل، بعد أن كان يتجاوز 80 دولاراً العام الماضي. وأشار عطا إلى أن هذا الأداء الضعيف هو نتيجة تراكمية لعوامل عدة، من بينها انخفاض أسعار النفط وتراجع الطلب وتصاعد الالتزامات المالية، مما جعل السهم يهبط إلى أدنى مستوياته منذ جائحة كورونا، ولفت إلى أن هذا التراجع انعكس بصورة واضحة على أداء الشركة، إذ سجلت "أرامكو" تراجعاً ب 12 في المئة في صافي دخلها لعام 2024، مما أدى إلى خفض كبير في توزيعات الأرباح المتوقعة للعام الحالي.