بينما احتشد الملايين في صنعاء ابتهاجًا بذكرى الجلاء الثلاثين من نوفمبر المجيدة، تتجلى مفارقة تثير العديد من علامات الاستفهام: لماذا غابت الجماهير في المحافظات الجنوبية والشرقية "المحتلة" عن المشاركة في إحياء هذه الذكرى الوطنية الكبرى؟ هل يمكن تفسير هذا التباين الصارخ في الروح الوطنية والاحتفال بالاستقلال؟ ما هو التفسير الحقيقي لغياب الروح الوطنية لدى بعض القوى والشخصيات التي تعيش في ظل "الاحتلال" الجبان، حتى باتت ذكرى الجلاء والتحرر مناسبة لا تعني لهم شيئًا؟ هل يعكس هذا الغياب تراجعًا في الإحساس بالمسؤولية الوطنية تجاه تاريخ اليمن المشترك؟ في محاولة لفهم هذا الموقف المتناقض، يبرز تساؤلان حاسمان: هل هو الخجل الإيجابي؟ هل مرد هذا الغياب هو الشعور بالخجل من الموقف المتناقض الذي يعيشونه تحت وصاية القوى "المحتلة"؟ وهل يمكن اعتبار هذا الخجل مؤشرًا إيجابيًا على بقاء بذرة الوعي الوطني ورفض الواقع المستسلم؟ أم هو الخوف من القمع؟ أم أن السبب الأعمق والأقوى هو الخوف المباشر من سطوة "المحتل" الذي "يجثم على أنوفهم ويمرغها بالتراب"، مما يجعل الاحتفال بالاستقلال ثمنه باهظًا؟ ويعد الاحتشاد في ميدان السبعين عصر الأحد من أكبر المسيرات اليمانية احياء لذكرى عيد الاستقلال وخروج آخر بريطاني من عدن في 30 نوفمبر عام 1967م، فالمسيرة التي جاءت تحت شعار "التحرير خيارنا.. والمحتل إلى زوال"، حملت الكثير من الرسائل والدلالات. ويؤكد المشاركون في المسيرة أن خروجهم يأتي في ذكرى الجلاء لتجديد العهد بالسير على نهج التحرر ورفض كل أشكال الاحتلال القديم والحديث.