لا يمر علينا تاريخ الثلاثين من نوفمبر كأي يوم عابر؛ إنه ذكرى "عيد الجلاء المجيد"، اليوم الذي تكللت فيه تضحيات الأحرار بالنصر المبين، وخرج فيه المحتل البريطاني مدحوراً، مهزوماً، ومنكسراً. في ذلك اليوم، أثبت الآباء والأجداد أن إرادة الشعوب لا تقهر، وأن "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" قد أُجبرت على الرحيل صاغرة أمام ضربات الثوار الذين رفضوا الضيم، بعد حقبة سوداء عاث فيها المستعمر في الأرض فساداً، وقتل الآلاف من خيرة رجال اليمن وشبابه.. واليوم، يعيد التاريخ نفسه، ولكن بوجوه وأقنعة مختلفة. فبينما نحتفي بذكرى طرد البريطاني، نجد أنفسنا أمام واقع مؤلم حيث يرزح جزء غالٍ من أرضنا تحت وطأة احتلال جديد لا يقل بشاعة عن سابقه. إن الأعداء اليوم يستخدمون أرض الأحرار منطلقاً لمشاريعهم الخبيثة؛ يمزقون النسيج اليمني، وينهبون الثروات من نفط وغاز، وينشرون الفساد والمنكرات لتغييب وعي المجتمع، وكل ذلك ليس إلا "خدمةً للكيان الصهيوني" وتنفيذاً لأجنداته في المنطقة، ليبقى اليمن ضعيفاً ومقسماً. إن الاحتفاء الحقيقي ب 30 نوفمبر لا يكون بالخطابات الرنانة فحسب، بل باستلهام روح المقاومة من أولئك الأبطال الذين صنعوا الاستقلال الأول وما يجري في جنوبنا المحتل من نهب للأرض وانتهاك للسيادة يجعل "التحرك الجاد" واجباً دينياً ووطنيًا لا مفر منه. ولذلك فقد بات لزاماً علينا اليوم، ونحن نرى أرضنا تُستباح ومقدراتنا تُسرق، أن نعلن النفير وننطلق لتحرير الأرض من دنس المحتل الجديد وأدواته، تماماً كما طهرها أجدادنا من دنس البريطانيين.. وما من شك في أن الأرض التي لفظت المستعمر الأكبر بالأمس، قادرة اليوم بعزيمة رجالها الأحرار، أن تلفظ هؤلاء الطارئين، ليعود اليمن حراً عزيزاً مستقلاً، خالياً من الوصاية والهيمنة الصهيونية وأدواتها الرخيصة., المجد للشهداء، والحرية لليمن، والخزي للمحتلين.