تكمن أهمية رعاية طلابنا المبتعثين للدراسات العلياء في الخارج ، تكمن أهميتها في انها داسر التغيير والابتكار والنهوض بالوطن المهيض . ويكمن الرهان على الشباب لاحداث التغيير وليس على الأحافير والرخويات وتنابلة السلطان . فطنت - اليابان -الى ان نهضتها الصناعية لن تتم دون الابتعاث، فابتعثت عزلت الالاف ، فعاد طلابها الاذكياء من الخارج ليقدموا خبراتهم وعصارة عقولهم من بلاد الغرب ، لبناء اعظم اقتصاد عالمي أسيوي عرفه التاريخ .
كنت في زيارة الى القاهرة فوجدت طالباً يابانياً يتحدث باللغة العربية ، مع بعض الطلاب اليمنيين في القاهرة . سالته ما سر اختياره لدراسة اللغة العربية؟ فكان رده حتى نفهمكم !
اختار هذا الطالب الياباني العيش مع طلاب يمنيين ؟ في القاهرة، فسألته ولماذا الطلاب اليمنيين ؟ فكان رده- انني اكتشفت ان اهل اليمن هم الطيبة والبراءة والكرم - وقلت من يشابههم فقال اهل السودان فهم قمة في الكرم والطيب .
هذا الطالب تلاحظون صورته معي في مطعم باب اليمن في حي - الدُقي- في القاهرة حيث استضفته لتناول وجبة شعبية يمنية .
وعن طلابنا في مصر العربية والهندوماليزياوباكستان وكل الدول ، فهم في ضوائق وحصارات متوالية ومتعمدة ، وعلمت للاسف الشديد وبسبب هذه الحصارات والتضييقات فان اكثر من عشرة طلاب قد اقدموا على الانتحار منذ الخرب اللعينة ! وذلك لما عانوه من مرهقات ومذلات في صرف مستحقاتهم المالية السحت ، فمنهم من باع حاسوبه ومنهم من باع كتبه لتغطية نفقات لقمة العيش ، ومنهم من طرد من مسكنه بسبب عدم سداد الايجار . فكان الخلاص هو في الانتحار .
اي كارثة واي خزي اصاب مسؤولي الوطن ؟ ! طلاب ينتحرون بسبب تاخر الدعم وصرف المنح ! وهم من تراهن عليهم الاوطان لنهضتها وشموخها وإقالتها من عثراتها وهواناتها .انه الفساد الذي اصاب حكامنا وقادتنا فانهارت الاخلاق والقيم والشرف .
واذا اصيبَ القوم ُفي اخلاقهم فأقمْ عليهم مأتماً وعويلا
لو ان احد الطلاب المبتعثين من - سانغفورة - اقدم على الانتحار في دولة إبتعاثه ،؟ لعزل وزير التعليم العالي وسفير الدولة وملحقها الثقافي بل واعلنت محاكمتهم وسجنهم ، لكن لان المبتعثين من اليمن ومن الطلاب الفقراء -والنجباء عادة من طبقة الفقراء - فهم في خانة النسيان والتهميش ، فلا من يهتم بهم ولا من يرعى او يقدر ظروفهم ، مع ان هذه العقول والمواهب هي التي ستقيل الوطن من عثراته ونكباته وخزيه وكوارثه .
ابتعثت - الهند- الطالب - محمد علي جناح- فعاد ليصبح من اعظم قادة العالم ، واسس لدولة باكستان . وابتعث الطالب النجيب الماليزي وهو من اصول حضرمية - محمد محضار - او محمد مهاتير ، ابتعث الى بريطانيا لدراسة الدكتوراة ، فاستلهم التجربة البريطانية في الادارة ، وعاد وبنى ماليزيا التي تنافس اليوم بصناعاتها اليابان . وعاد العالم الفيزائي المسلم عبد القادر الذي رحل قبيل ايام ، عاد من امريكا ليؤسس لمنظومة دفاع نووي باكستاني فيوازن الرعب النووي الهندي .
طلابنا في الخارج هم الرهان على نهوض الامة ، ومن خانهم وحاصرهم وحال دون صرف مستحقاتهم ، للعيش وشراء الكتاب والحاسوب ، وابكاهم وأهانهم ، فهو خائن لوطنه وضميره وامته ودينه .
بلانا الله ان حكامنا أدمنوا الانانية والجهل والفساد ، وهم سبب انهزامنا النفسي والمعنوي والاقتصادي ، نسال الله ان يسلط عليهم من لا يخاف الله فيهم ولا يرحمهم .