والزائر لعدن هذه الأيام وقبل بداية موسم الصيف الحار يشاهد مناظر النساء والأطفال وهم يبحثون عن دباب الماء من حي إلى حي بعد أن كانت عدن لا تعرف انقطاع المياه كصنعاء أو تعز الأكثر معاناة. و عدن التي تتغذى بمياهها من لحج وأبين كان ممنوع قبل الوحدة حفر أبار ارتوازية للزراعة في بعض مناطقها المجاورة بهدف الحفاظ على منسوب المياه للشرب وتغذية المدينة، غير أن تلك الإجراءات قد ألغيت بقيام الوحدة وانتشار حالة من الفوضى والبسط على الأراضي وإقامة المزارع إلى جانب التوسع السكاني للمدينة. ويرى خبراء أن عدم التنسيق بين الجهات المختلفة قد أدى إلى هذه النتيجة المخيفة لهذه المدينة الساحلية التي يحتاج سكانها إلى استخدام مزيد من المياه لاسيما في فصل الصيف.. وأن نضوب الآبار سيؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية ما لم يتم إنقاذ المدينة بمشاريع تحليه مياه البحر، وهو المشروع الذي بدأه الروس في محطة كهرباء الكهرو حرارية في مدينة الشعب، غير أن الغلايات الأربع أهملت ولم يجر صيانتها لارتفاع ما سمي بتكاليف تحليه المياه. وتعتبر اليمن من أكثر البلدان فقراً في المياه، وتهدد العاصمة صنعاء جفاف الأبار وجفاف وخطر الاستنزاف لمياه حوض صنعاء فالدراسات التي أجريت على حوض صنعاء بينت أن نسبة 97% من المياه تستخدم في زراعة القات. وأكد بعض الخبراء إلى أن هم الحكومة اليمنية غائب في هذا الجانب الهام سيما وأن البنك الدولي قد أعد دراسات وحذر من مواجهة صنعاء لكارثة مائية ، في ما عبر عنها مؤخراً وزير التخطيط والتنمية بأن واقعها كأمثال أفلام الرعب. أما مدينة تعز الأكثر فقرا من منسوب المياه فأن جهود تبذل من قبل رأس المال الوطني ممثلة بمجموعة بيت هائل سعيد أنعم، لإعداد دراسات لتحليه ماء البحر ونقله من المخاء إلى تعز على أن يباع للدولة لتتصرف به. الأمر الأكثر غرابة أن مدينة (إب) عاصمة المحافظة الخضراء قد بني ملعب كرة قدم على أهم موقع لاستخراج المياه منه وأنها تعاني كذلك من نقص المياه، ويبدوا أن اليمن لا تواجه أزمة اقتصادية فقط ، وإنما أزمات مائية وأخلاقية مجتمعية تمثل بقبول الفساد المركب الأصغر والأكبر، وأن المستقبل لا يبشر بخير في ظل هذا الوضع الذي لا يملك إرادة سياسية للتغيير.