محمد محمد المقالح الحقيقة الكبرى التي عرّفتنا بها الأحداث في كثير من البلدان العربية والإسلامية خلال الأربعين سنة الماضية، هي أن استيلاء الإسلامويين على السلطة بأي طريقة يخلق الطائفية داخل المجتمع الواحد فوراً، وأن استمرار حكم هؤلاء يُفجّر الصراع الطائفي والقتل على الهوية بالضرورة. ولكن، لماذا؟ الجواب: لأن كل حزب أو جماعة إسلاموية (سياسية) لها عقيدتها الخاصة بها، وهي وإن اعتقدت بالإسلام الجامع، إلا أنها تعتقد دينياً بأن مذهبها أو طريقتها هي الإسلام الصحيح، وأن البقية منحرفون عنه، وأنها على الحق المبين، وبقية الطوائف والمذاهب والأديان كفار أو مشركون أو منافقون يجب تصفيتهم، أو على الأقل الانتقاص من حقوقهم السياسية. وهذا ما لا يمكن أن يقبله أي طرف آخر في هذا العصر يؤمن بالحرية والمساواة والعدالة الإنسانية، سواء كان هذا الطرف مسلماً أو غير مسلم. اقرؤوا الخارطة في كل المنطقة العربية خلال الأربعين سنة الماضية: في السودان، أدّى حكم الإسلاميين إلى تقسيم السودان، وفي فلسطين، فُصلت غزة عن الضفة، وفي مصر، كاد المجتمع أن ينقسم إلى قبطي ومسلم لولا ثورة 30 نوفمبر. وهكذا، الأمر واضح وجلي في سوريا اليوم، وفي العراق قبلها. وفي اليمن، إن استمر الإخوان المسلمون و"الإخوان المؤمنون" في نهجهم الأحادي الصارخ، وعلى رأس القرار وحدهم دون غيرهم، فنحن في الطريق – والعياذ بالله.