دولة الفشل المتورم    أمريكا تطالب سلطات سوريا بمنع "داعش" من دخول السويداء    حروب اليمن على الجنوب ليست وليدة اليوم بل منذ ما قبل ميلاد المسيح (ع س)    سهول دكسم.. في الجزيرة العذراء سقطرى    لا تحتاج لتكييف.. حيلة مدهشة تُبرد سيارتك في ثوانٍ    تحت المراقبة.. كيف تعرف أن هاتفك يتجسس عليك؟    شمال لبنان فيه حواضن شعبية للقاعدة وداعش    51 قتيلا و مصابا بانقلاب حافلة في ايران    عناصر مسلحة تطرد المنتخب الأولمبي من معسكره التدريبي بمأرب    الهلال يتمسك بالاعتذار.. واتحاد القدم يجهز القرار    كرة القدم الأمريكية تنجو بأعجوية من الأمر التنفيذي رقم 46 لترامب    «سارقة المناشف» تحصل على هدية تذكارية تحمل اسمها في ويمبلدون    أغرب قصة تزوير في لحج.. زوجوه أخته ليستولوا على راتبه    تعيينات دبلوماسية في الخارجية اليمنية لصالح أبناء صنعاء    انتهاء أشد مراحل الحرارة في اليمن    فعاليات في حجة بذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام    بين الحقيقة والاتهام: لماذا يتأخر القضاء اليمني في انجاز القضايا..؟    تفتيش مهين للطالبات واختطاف طلاب.. منظمة تدين الانتهاكات الحوثية في جامعة إب    رئيس الوزراء: البلاد تعيش في دوامة معقدة لا يمكن تجاوزها بوقت قصير    121 شهيدًا ومصابون في قصف صهيوني على غزة اليوم    الملتقى الإسلامي يُحيي ذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام    تواصل الأعمال الفنية في المرحلة النهائية من مشروع الطاقة الشمسية بشبوة    استشهاد طفلة وإصابة شقيقها بقصف حوثي استهدف قرى سكينة غربي تعز    فرض عقوبات امريكية على ثلاث شركات نفطية تتعامل مع موانئ غرب اليمن    لقاء يستعرض وضع المعالم التاريخية في المحافظات المحتلة وما تواجهه من عبث    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج محمد صالح يحيى الصربي    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير عمل الهيئات التنفيذية للمجلس الانتقالي بمحافظة أبين    برشلونة يقترب من ضم راشفورد    رئيس الوزراء يشيد بجهود وزارة الصحة في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية    سقوط جزء من السقف يُدخل الفنانة رزان مغربي غرفة العمليات    السنيني: نعوّل على روح اللاعبين والمباريات التجريبية مفتاح الجاهزية    بعد ازمة خانقة .. السماح بدخول مياه الشرب إلى مدينة تعز    زائر يلتهم «الموزة المليونية» في المتحف    مقارنة أسعار الصرف خلال يومين.. ارتفاع طفيف في عدن واستقرار في صنعاء    التخطيط الحضري الغائب يحوّل مجاري السيول في مدينة إب إلى شِراك قاتلة    برشلونة يتخلى عن خطته للعودة إلى ملعب "كامب نو"    صندوق النظافة بساحل حضرموت يطلق نشاطاً توعوياً بمدينة المكلا    إيران تحرز 3 ميداليات برونزية في بطولة المجر الدولية للمصارعة الحرة    مؤسسة الشهيد زيد مصلح تحتفي بتخرج دفعة من كوادرها في الإخراج التلفزيوني    مركز الملك سلمان يوقع اتفاقية تعاون مشترك لتعزيز العملية التعليمية بمحافظة لحج    فرع هيئة الأراضي في ذمار يستعيد أراضٍ وعقارات للدولة بقيمة 20 مليار ريال    فيما الدولار يقترب من 3000..قادة المرتزقة يتنافسون على المولات    هل فعلاً الإفطار أهم وجبة في اليوم؟    عدن .. سوق مفتوح للوجع والفاقة    خبير في الطقس يتوقع هطول أمطار غزيرة على مناطق واسعة من اليمن ويحذر من سيول وعواصف رعدية    الإسلاموية السياسية طائفية بالضرورة بغض النظر عن مذهبها    مشائخ ووجهاء مديرية برع بالحديدة يطالبون بضبط المعتدين على الطفل ضياء العامري وتقديمهم للعدالة    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على متهم بسرقة مركبات في خور مكسر    كهنة الجمهورية وأوهام الطهر    ثقافة المقهور وذاكرة القهر: لماذا لم يتحرر اليمن الأسفل من هذه الثقافة؟    تغير المناخ وأثره على انقراض النمور ذات الأسنان السيفية    إلى الإنسان عمار المعلم..    السيد القائد يدعو لخروج مليوني غدا نصرة للشعب الفلسطيني    تعز .. إرتفاع حالات الاصابة بالامراض الوبائية وتسجيل حالات وفيات    اسباب وعلاج الذبحة الصدرية    خواطر سرية.. ( الشهداء يضعون الاختبار )    الفلفل الأسود بين الفوائد الغذائية والمحاذير الدوائية    فتاوى الذكاء الاصطناعي تهدد عرش رجال الدين في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الحقيقة والاتهام: لماذا يتأخر القضاء اليمني في انجاز القضايا..؟
نشر في يمنات يوم 20 - 07 - 2025

يتردد السؤال في أوساط المجتمع اليمني، على ألسنة المواطنين والبسطاء، كما في أحاديث النخبة والمتابعين للشأن العام: لماذا لا تُفصل القضايا في محاكم اليمن في مدد زمنية معقولة، كما هو الحال في عدد من الدول العربية والأجنبية؟ ولماذا تبقى قضايا الورث والأراضي والإيجارات معلقةً لعقود، بل أحيانًا لعدة أجيال؟
إنه سؤال مشروع، نابع من حرقة الواقع، لكنه — في كثير من الأحيان — يُطرح بشكلٍ تجريدي أو عاطفي، دون الاطلاع على حقيقة ما يعيشه القضاء اليمني من واقع مؤلم ومعقد، وظروف خارجة عن إرادة القاضي، بل عن إرادة العدالة نفسها.
ومن هنا، وحرصًا على توعية الرأي العام، ووضع النقاط على الحروف بعيدًا عن التبرير أو التهوين أو جلد الذات، نعرض أبرز الحقائق التالية:
أولًا: عبء مهول على كاهل القاضي في بيئة شبه منعدمة الإمكانيات..
القاضي اليمني يُطلب منه أن يُنجز وحده ما يُنجزه عشرة أو عشرون قاضيًا في دول أخرى.
يعمل القاضي دون مساعد قضائي، ودون سكرتارية كافية، ودون أجهزة حاسوب أو شبكة إلكترونية، وغالبًا في مبانٍ مهترئة أو مدمرة جزئيًا، ومنقطعة الخدمات.
هو قاضٍ ومحضر ومحلل إداري وطرف وحيد في منظومة كان يفترض أن تكون متكاملة.
ثانيًا: نقص كارثي في الكادر القضائي والإداري
في كثير من المحاكم اليمنية، لا يوجد سوى قاضٍ واحد ينظر في آلاف القضايا سنويًا، بمعدل استهلاكي يُرهقه ذهنيًا وبدنيًا، بل ويؤثر على جودة الأحكام.
أمين سر واحد مكلف بتحرير ونسخ وتوثيق مئات القرارات أسبوعيًا.
مُعلن قضائي وحيد يتكفل بإيصال المذكرات القانونية إلى مناطق نائية بلا وسيلة نقل أو مصروفات.
النتيجة: بطء إجرائي ناتج عن اختناق وظيفي، لا عن تقاعس أو فساد.
ثالثًا: غياب شبه تام للنفقات التشغيلية
كيف لمحكمة أن تعمل دون ميزانية؟ دون ورق؟ دون أحبار؟ دون وقود؟
كثير من موظفي المحاكم يشترون أدوات عملهم من رواتبهم المتواضعة، وبعضهم يطبع أو يصوّر من هاتفه المحمول، في مهزلة إدارية لا تليق بهيبة القضاء.
العدالة لا يمكن أن تُدار بالمجّان، ولا أن تُطالب بالإنتاج في ظل الانهيار المؤسسي.
رابعًا: جهل قانوني واسع في أوساط المتقاضين
يصل كثير من الخصوم إلى قاعات المحاكم دون فهم لأبسط قواعد الإجراءات، فيغيبون عن الجلسات، ويقدمون دفوعًا عشوائية، ويُعيدون النزاع بصيغ جديدة بعد كل حكم، مما يُربك القاضي ويشتت جهد العدالة.
التقاضي الرشيد لا يمكن أن يُبنى على جهل، بل على وعي قانوني يوازي أهمية الحق ذاته.
خامسًا: الأحكام القضائية تصدر ولا تُنفذ
حتى بعد جهد القاضي وإصدار الحكم، تُفاجأ المحكمة بواقع من:
ضعف الشرطة القضائية.
تهاون في تنفيذ الأوامر.
غياب آليات قسرية لتنفيذ الأحكام.
فلا جدوى من حكمٍ لا تُنفذه الدولة، ولا قيمة لقانون بلا ذراع تنفيذية تحمي هيبته.
سادسًا: رواتب متدنية ومظلومة في حق القضاء والموظفين
أن تُطالب القاضي بالحسم والعدالة والاستقلال والنزاهة، ثم تُعطيه راتبًا لا يتجاوز مستوى الكفاف، ودون حماية وظيفية أو مواصلات أو تأمين صحي، فذلك قَسْمٌ غير متكافئ، وميزانٌ مختل، وظُلم في صميم منظومة يُفترض أن ترفع الظلم.
إذًا… من المسؤول؟ وما هو الحل؟
الحل لا يبدأ من القاضي، بل من الدولة، من المؤسسات، من الإرادة السياسية.
إصلاح القضاء لا يتحقق بإلقاء اللوم على القضاة، بل بإعادة بناء منظومة العدالة من جذورها.
أبرز الحلول الواقعية الممكنة
تعيين عدد كافٍ من القضاة والإداريين بما يتناسب مع حجم القضايا.
تأهيل الكادر الموجود وتحديث مهاراته عبر برامج تدريب قضائي منتظمة.
تخصيص نفقات تشغيلية حقيقية للمحاكم، تشمل ورقًا، طباعة، وقودًا، أدوات توثيق ، وسائل مواصلات ، وأطقم حماية.
إدخال منظومة عدالة رقمية تربط بين المحاكم، وتُقلص من التراكمات الزمنية الورقية.
إلزام الشرطة والأجهزة التنفيذية بتنفيذ الاوامر والقرارات القضائية في مددها الزمنية ومواعيدها المحددة دون تمييع أو تسويف.
إدماج التعليم القانوني المبكر في المناهج والإعلام، لخلق وعي شعبي بحقوق وواجبات التقاضي.
كلمة لا بد منها
القاضي اليمني ليس المعرقل، بل أول من يُعاني من هذا الواقع المنهك.
العدالة في اليمن ليست ميتة، لكنها مجروحة، مثقلة، تعمل في عتمة نظام لم يُؤمن بها يومًا.
الحل ليس في النقد المجرد، بل في تبني مشروع وطني جاد لبناء قضاء محترم، مستقل، فعّال، يُكرّم لا يُهان.
المصدر: بوابة القانون والقضاء اليمني على تليغرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.