باكياً منحني الرأس والكرامة، وقف محمود عباس بين يدي نتنياهو معزياً بوفاة واحد ممن ملأوا بيوت الشعب العربي والفلسطيني عزاءً ونواحاً.. أبو مازن، لم يطرف له جفن على مذابح شمعون بيريز في (قانا) وفي غير قانا إبان رئاسته لحكومة الكيان الصهيوني وفي كل ثنايا ومراحل اغتصاب الأرض الفلسطينية شبراً شبراً والتنكيل بشعبها فرداً فرداً، لكنه عصر جفونه عصراً أمام العدسات وتمنَّى أن تكون له عيون كثيرة يبكي بها في جنازة القاتل.. ترجمة كل ذلك: لقد خسر رئيس السلطة الفلسطينية، وحامل ملف القضية العربية قاتلاً من قتلة شعبه، وغاب وجه من مؤسسي الكيان المغتصب لأرضه . وعباس الحزين، هذا هو رئيس السلطة المكلفة من الشعب الفلسطيني بالنضال في سبيل استرداد الأرض المغتصبة، قبل أن يصبح مقاولاً لدى إسرائيل في ملفات التطبيع مع الدول العربية، وهو عرّاب العلاقات السِّرية بين دول النفط العربي والكيان الصهيوني، وهو صاحب الشركات الاستثمارية المتعددة التي شُيِّدت بأموال الشعب الفلسطيني منذ تسلم ما يربو على (2) مليار دولار تركها المناضل أبو عمار، وهو مالك الشركة التي حصلت على مناقصة بناء الجدار الإسرائيلي العازل في أرض فلسطين، وهو الذي استولى على كل ممتلكات منظمة التحرير من عقارات وأرصدة وأصول واستثمارات وحولها إلى ملكية مقربين قبل تحويلها منهم إلى ابنيه (طارق ومازن). ووفقاً لوثائق ويكليكس (بنما) يمتلك أبناء رئيس السلطة الفلسطينية عدداً غير قليل من الشركات في كلٍّ من فلسطين والأردن وقطر والكويت ولبنان وأمريكا. من أين حصل على كل هذه الثروة؟ من الهبات العربية والدولية المحولة عبره لصالح مشاريع ومساعدات للشعب الفلسطيني، وقدمت الإمارات العربية المتحدة وحدها أكثر من ثلاثة مليارات دولار خلال أكثر من 6 سنوات وكل دفعة من ذلك 500 مليون دولار سنوياً، وفقاً لما نقله الكاتب اللبناني جهاد الخازن عن مسؤولين إماراتيين كبار. ورغم ذلك لا مبرر بالمطلق للبكاء على رحيل قاتل، فليس مطلوباً من العميل دموعاً وما هو مطلوب من عباس يتم تنفيذه أولاً بأول، لكنه أراد إهانة الفلسطينيين واستفزاز مشاعر أمهات الشهداء. وما ينبغي ويجب على شعب مناضل يستهدف تحرير أرضه من الغاصب، أن يتحرر أولاً من الخائن الذي ائتمنه على قيادة قضيته، فلن يتحقق الاستقلال والخنجر الغادر مزروع في الخاصرة . إنه الخنجر الباكي (عبّاس) الذي لم يكن ثمّة هدف سياسي يقتنصه بالدموع الوقحة، ولا بالانهيار العاطفي الرخيص.. ولا توجد ضرورة بروتوكولية تلزمه تقمُّص شخصية (أرملة الفقيد) لكنه أراد أن يُقدم بلاغاً لله وللتاريخ وللناس أجمعين أنه مفرّط وبذيء ودنيء، وأن العمالة والخيانة لم تعد وظيفة وحسب، بل هي في دمه ووجدانه، وفي تفاصيل التفاصيل من خلايا جسده وروحه .