بتصريحه الأخير حول ضرورة تسليم الصواريخ الباليستية اليمنية لطرف ثالث أو تدميرها، يكون السيد إسماعيل ولد الشيخ قد تحدث بوضوح لأول مرة منذ بدء عمله كمبعوث أممي إلى اليمن، لكنها ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن تسليم الصواريخ الباليستية، فأول ما تحدث عنه وفد المرتزقة في الجولة الأولى من مفاوضات الكويت كان الصواريخ الباليستية وقاعدة بيانات القوات المسلحة. التصريح يأتي وسط تنامي الأصوات المطالبة بوقف الحرب داخل دوائر صناعة القرار في دول الغرب الراعية للعدوان، وصدور بيانات رسمية لأول مرة من دول المحور الشرقي تطالب بوقف العدوان وتحذر من استمرار الحصار والتجويع، وتدين صراحة بعض ممارسات التحالف، معلنة تضرر مصالحها من ذلك. وولد الشيخ كان بتصريحه التيس الذي استعارته غطرسة التحالف لترجمة القلق السعودي من وقف الحرب قبل تأمين المملكة من صواريخ الثأر اليمنية وهجمات المقاتلين اليمنيين الممتدة على طول حدودها الجنوبية، وهو قلق مشروع ومنطقي يعكس قناعة المملكة بضرورة الخروج من مأزق هذه الحرب، لكن استعارة لسان ولد الشيخ يعني أن الغطرسة ما زالت تمنعها من امتلاك الجرأة الكافية لوضع قلقها على طاولة مفاوضات مباشرة مع اليمنيين، للخروج بالحلول الكفيلة بتحقيق سلام حقيقي بين المملكة واليمن، فهي لا تزال تعول في الخروج من مأزقها على ذات الأوهام والمغالطات التي أوقعتها فيه. تصريح ولد الشيخ بالنسبة لنا لم يكشف جديداً حول ولد الشيخ، وأهمية الشرعية بالنسبة للمملكة، والحرب على إيران.. إلخ قائمة ما أعلنته من أهداف لهذا العدوان، فليس ثمة عاقل يجهل ذلك، لكن التصريح يعلن قناعة المملكة بعدم جدوى الحرب وأن الصواريخ والحدود هما ورقتا المفاوض الوطني الوحيدتان، وكل مفاوضات لا تجلس فيها المملكة على الطاولة كطرف هي مجاراة للمملكة في أوهامها، ولن تثمر شيئاً، وكل مفاوضات قبل وقف العدوان ورفع الحصار هي كذلك وهم. لم يبق الكثير على اقتناع المملكة بالتخلي عن الغطرسة كما اقتنعت بالتخلي عن وهم تركيع اليمنيين ومن ثم الجلوس على طاولة التفاوض وليس أمامنا إلا الصبر في انتظار ذلك، بدلاً من مجاراتها في الأوهام وملاحقة مفاوضات أجبرها الأممي التي لا تسمن ولا تغني من جوع.