«مسقبلي ضاع»، بهاتين الكلمتين يختصر أحمد سعيد حاله خلال وقوفه مع العشرات من زملائه الدارسين في اليمن، في اعتصام أمام مبنى وزارة التعليم العالي الأردنية في عمان، للمطالبة بقبولهم للدراسة في الجامعات الرسمية. سعيد الذي أمضى أربع سنوات في جامعة صنعاء يدرس الطب، وباع ذووه ما يمتلكون لتمويل دراسته الباهظة الكلفة، أصبح متأكداً من انتهاء حلمه بعد اندلاع الفوضى في اليمن، والقرارات الحكومية الأردنية بالسماح له ولأمثاله بالدراسة في الجامعات الحكومية شرط الخضوع لامتحان «تعجيزي» وفي البرنامج الموازي الباهظ التكاليف، والذي يحدد معدل 85% لدراسة الطب، وهو يعني المستحيل بالنسبة إلى سعيد الذي حصل في الثانوية العامة على معدل 80%. ولا يجد سعيد أمام تهاوي حلمه غير المشاركة في الاعتصامات، بعد أن إصبح الباب موصداً أمام كل الخيارات الأخرى لإنقاذ حلمه في دراسة الطب. ويقول سعيد إنه درس الطب عن حب وشغف، وليس نزولاً عند رغبة الأهل في دراسة هذا التخصص، لرفع «برستيج» العائلة كما يحصل مع الكثير من الطلاب. ويروي كيف شاهد بأم عينه الأطباء ينقذون والدته من الموت بعد تعرضها للإصابة الشديدة في حادث سير، وبقي هو ووالده يراقبانها من النافذة وهي في غيبوبة تامة في غرفة العناية الحثيثة لأيام. وبعد شفائها قرر أن يدرس الطب. وعلى طرف الاعتصام كان يجلس عجوز على الرصيف ويهتف مع الطلبة، وقال بصوت متهدج إن ابنه ما زال في صنعاء حبيس غرفته، يرفض العودة إلى الأردن بعد أن سمع من زملائه أن وزارة التعليم العالي وضعت شروطاً تعجيزية لإكمال الدراسة في الجامعات الحكومية الأردنية، ما اعتبره نسفاً لكل السنوات التي أمضاها في دراسة الهندسة التي لم تتح له دراستها في وطنه بسبب المعدل. وأشار إلى أن ابنه فضل البقاء في صنعاء ومواجهة مصيره، مثل آلاف الطلبة اليمنيين، مؤكداً أن قلبه وقلب والدته ينفطران يومياً قلقاً على ما سيحصل معه، في بلد دبت فيه الفوضى ولم يعد يعرف فيه أحد لماذا يقتل. ويضيف أنه لا يجد غير الاعتصام مع زملاء ابنه، عل الاعتصامات تضغط على وزارة التعليم العالي وتجبرها على التراجع عن قرارها «المجحف» باعتماد المعدل للسماح لهم بإكمال دراسة تخصصاتهم التي أمضوا فيها سنوات. ويقدر عدد الطلبة الأردنيين في الجامعات اليمنية ب (650) طالباً وطالبة، أكثر من (500) منهم ملتحقون بتخصصي الطب وطب الأسنان. فيما يقدر عدد طلبة تخصص الطب في الجامعات اليمنية من مستويات السنتين الخامسة والسادسة بحوالى (95) طالباً، و(8) طلاب بمستوى السنة الخامسة في تخصص طب الأسنان، والبقية من مستويات سنوات أولى وثانية وثالثة ورابعة. وكان عدد من الطلبة الأردنيين العائدين من اليمن اعتصموا أخيراً للمرة الثالثة، أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومعظمهم من طلبة الطب، احتجاجاً على الامتحان الذي قرره لهم مجلس التعليم العالي لتحديد السنة الدراسية لهم في الجامعات الرسمية. وذكروا خلال الاعتصام أن الامتحان كان «تعجيزياً»، معتبرين أنه «تملص» من المجلس من قبولهم في الجامعات. وقالوا إن الامتحان يفوق قدرات أي طالب طب، مشيرين إلى أنه طلب منهم، وكل بحسب مستواه والسنة الدراسية، ما يزيد عن 1000 صفحة قبل الامتحان بعشرة أيام، مشيرين الى أن 4 طلاب من أصل 128 نجحوا في الامتحان، واحد منهم بالامتحان و3 آخرين كانوا من المبتعثين رسمياً من الوزارة. وأعربوا عن احتجاجهم على خيار قبول في البرنامج الموازي لمن لم ينجح في الامتحان بسنوات أقل من السنوات التي أمضوها في دراسة للطب في اليمن، وبعضهم في مستوى السنة الثالثة أصبح عليه أن يهبط للسنة الأولى. وقالوا إنه مضى على هذا الفصل نحو شهرين، ولم يبق منه شيء وليس لديهم الإمكانات لدفع حوالى 4 آلاف دينار، لا سيما أن ثمن الساعة في البرنامج الموازي لتخصص الطب 200 دولار. وطالبوا بمساواتهم بمن عاد من الطلبة الأردنيين من اليمن عام 2011 عندما قبل الطلبة العائدون آنذاك في سنواتهم الدراسية.