بدءاً بالصلاة والسلام على سيد الخلق محمد عليه وعلى اله وأصحابه أفضل السلام. وأما بعد ، فإننا ننادي أحرار وشرفاء اخوة لنا في الشمال ، ننادي العزة والشهامة ان تنهضوا وتنفضوا صداء ، سكن العدل والميزان ،فالعقل نعمة ان استخدم في خير والعقل منبع الشر ان جانب صدق الايمان ،ولا أمل لكم بالظلم ولا رجاء في صدى عدل ، جاور الجوع والهوان الا لمن اراد خنوعاً لظالم وإذعان ، يؤسفنا ما نشهده من ثورة بعد ثورة تدفع بدماء شهداء بنفوس طاهرة ، شباب ان عاينته تجده بالعزة والكرامة وبالحرية كان ينادي بسلم وإعلان ، فلما سكنت اجسادهم الثرى ، غار الظلم بعدها لفترة ، وعاد الظالم ثانيه بثوب العفة انسان ، فكأنما لا ثورة قامت ولا كان ما كان ، فحسبنا الله ونحتسبهم شهداء ابرار عند الخالق الرحمان.
لا يخفى عليكم ان ارض الجنوب بلادي ،وحدَها منذ القدم دين الاسلام ، وشرف لنا اتباع نبيه المصطفى بعد شرفاء همدان ، أرض بلادي موحدة اللسان والإنسان ، لغة القران ننطقها بعزة يفهمها القاصي والدان في بلاد الاسلام .
اخوتي وأعمامي وأخوالي كلهم من نسب يعرب ابن قحطان وجدنا نوح عليه السلام ، كثيرون منهم سكنوا قبل الوحدة ارض الشمال ،مكرمين اعزاء بشهامة اصل العربان ،واحبتي ورفقتي قبل الوحدة في الجنوب معظمهم من ارض الشمال ، كلهم عاشوا معي الزمان والمكان ، حتى قبل ان نعلم اتجاه الجنوب وحدود الشمال ، هم هكذا اخوتي وسيبقون في ذات الحضن الامان ، كلما جار على احدهم ظلم ، تسابقنا اليهم نصرة ، أرواح وقلوب وآبدان.
فما بالنا اليوم يفرقنا طغاة وساسة اخر الزمان ، يزرعون الفتنة اشواكاً ونقطفها موت وأحزان ، مالنا يفرقنا متأسلم يكفرنا ونحن اقرب منه للإيمان ، اقرب لزمن المصطفى خير الانام ، كلنا سكن هذه الارض بأمان ، منعم بما خصه سبحانه بالخير والرزق والأنعام.
اننا اخوتكم اقبلنا عليكم منذ عشرون عام ،امنين مستأمنين ،مددنا بالخير لكم اليدان والوحدة كانت لنا غاية وعنوان ، اقبلنا بصدق رغبة في الوئام ووحدة الكيان وتكامل الاوطان لرفعة الانسان ، فوجدنا باللئم والمكر يلبس حلو الكلام ، ارادوا عبيداً ، فقصدوا احرار كرام ، نسوا التاريخ بأننا نأبى إلا ان نموت قيام ولا تنحني جباهنا الا لخالق الاكوان ، الذل والعار سيلحق بمن استضافنا فأهان واستأمناه فخان ، فأثرنا الحفاظ على ما تبقى من عهد للصادقين إكرام ، فأصبحنا بعد اربع سنين عصبة الرده والانفصام ، ظنوا ان الهدم يعمر اوطان ، وان القتل يزرع في النفس وئام ، فلحق بنا الظلم والعدوان وتهديم للبنيان لمجرد شهوة سلطة وانتقام ، وانتم كنتم حينها للأسف عيان ، فإن نسيتم ، فابحثوا في ذاكرتكم عن الخذلان ، ستجدوها حتماً آيلة للقيام.
نعاتبكم صراحة لإفراغ قوالب الحزن فينا ، نعاتبكم لننسى ماضينا ، نعاتبكم لتشهدوا مأسينا ، نعاتبكم للعبرة وللقادم من امانينا ، لن نرضى الا ان تسمعوها وتشعروا بها من الالف واللام والميم.
نعاتبكم اليوم املاً في رفعتنا كسابق الازمان ، نعاتبكم محبة ، كيف ارتضيتم ان نكون دار كفر ونحن المكرمين بالإسلام ؟ كيف ارتضيتم ان تستباح ارضنا وانتم شهوداً على الطغيان ؟ حديد ونار وأجناد محقونة بالزيت احتقان.
كيف ارتضيتم ان تسلب اقواتنا ونطرد من ديارنا ، ونكبل ونحن الاحرار بالأصفاد امتهان ؟ كيف ارتضيتم ان تكون الاحقاد بالجنة ،وقتلانا وجوه تعلوها أثر سجود للرحمان ، نعم قتلت الاحقاد شيوخنا والولدان ،لكنها لم تقتل فينا الايمان ، لم تقتل فينا التسامح والصفح والنسيان ، تلك لكم محفوظة في مكان سام ، إكراماً لذكرى زمان.
نعم لقد ضاق بنا المكان مما كان لنا من السلب والنهب والامتهان ، فأذنوا لنا بالرحيل عودة الى ما كنا زمان ، ننسى كل مافات من الالام ، ونبداء من حيث ذات المكان حيث كنا اخوان ، سنعمر من جديد بنيان يسع كل العوام دون حرمان من الجنوب والشمال ، وانتم في القلب سكان ، اخوة وأحباب وأبناء عمومة وجيران ولنا عودة بإذن الرحمن ، حين تنتفضوا ضد الجوع والفقر والحرمان ، ويرتفع سهم الانسان ، حينها ستكون وحدة للأرض والإنسان لا للحاكم ولا للظلم والضم فيها مكان.