لن تتوقف جرائم جنود الأمن المركزي ضد العزل من أبناء الجنوب على الإطلاق طالما وهم يدركون أن لا رقيب ولا حسيب سيقف أمام هؤلاء ويضع حدا لتلك الجرائم البشعة والهمجية الدموية التي ينتهجونها ويتفنون في التباهي بها أمام أبناء الجنوب العزل.. ولن يرف لهم (جفن) أو يندى لهم (جبين) أو تُذرف لهم (دمعة) واحدة على تلك الدماء التي تسفك والأجساد التي تمزق والأشلاء التي تتناثر لانهم وبكل بساطة معتادون على ممارسة طقوس القتل بدم بارد وبوقاحة فجة ولا إنسانية أو ضمير, واعتادوا أيضا على ممارسة (عهرهم) السياسي على أباء الجنوب بعد أن (مُنحوا) صك الحصانة من المسآلة والعقاب من قبل القانون الدموي والنظام الهش الذي لايستيطيع أن يحمي نفسه..
بكل بساطة ووقاحة وظلم يقتل أبناء الجنوب وتسفك دماؤهم وتسلب أرواحهم من قبل من يدعون أنهم حماة للوطن والمواطن, ومن قبل أولئك الذين أجاز لهم نظامهم القبلي وحقدهم الدفين على هؤلاء البسطاء العزل الذين لايرجون غير العدل والمساواة ووطنهم الذي طمسته سياسة الإقصاء والتهميش وقانون القبيلة..
في شمال الشمال تقوم الدنيا ولا تقعد لمجرد أن ناشطا أو حقوقيا أو حتى مواطنا تعرض (لتهديد) أو مضايقات وتعقد الندوات واللقاءات والمشاورات وتصدر البيانات والتنديدات من قبل ساستهم,فيملئون الدنيا (ضجيجا) و(نهيقا) وصراخا, أما في الجنوب (فحدث) ولا حرج , تسفك الدماء, وتزهق الأرواح, وتدك المنازل, وتستباح الحرمات ولا يحرك أحدٌ ساكنا, فتمضي الجريمة تلو الأخرى, ويمارس اللأبشر (طقوس) دمويتهم على الأبرياء مرارا وتكرارا ويستمر مسلسل الدموع , الترمل, والتيتم, دون أن يجابه المعنيون هذا الأمر بحزم أو بشيء من الإنسانية أو ردع من يقومون بهذا..
بالأمس واليوم وغدا وبعد غد ستظل الدماء تراق والأرواح تزهق والدموع تنسل بحرقة من الأحداق ( والكلاب) المسعورة (تنهش) في أجساد الأبرياء من أبناء الجنوب,وتمزقهم أشلاء وتُبكي (مُقلهم) طالما وقلوبنا شتى, وكلٌ منا يغني على (ليلاه) ويغرد خارج سرب الجماعة ولم نفقه بعد أو ندرك أو نستشعر أهمية أن نكون (كالجسد) الواحد إذا أشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى, و(كالبنيان) المرصوص يشد بعضه, هدفنا واحد , وحلمنا واحد, وغايتنا واحدة, لاتفرق بيننا جغرافيا المناطق أو (خساسة) الساسة أو تشرذمنا الو لاءات الضيقة لبعض من يتربعون الكراسي ويلبسون الحرير, دون أن يدركوا أن البسطاء منا هم من يلتحفون السماء ويفترشون الأرض في الساحات, وهم من تسفك دماؤهم وتزهق أرواحهم, وحال هؤلاء الأصنام لم يتغير أو يشعر بما يعانيه أبناء الجنوب..
مثلما قُتل (الجنيدي) بدم بارد وأعصاب (كالثلج) ففي المستقبل القريب لا محالة ستطال الأيادي (القذرة) الملطخة بالدماء أبرياء آخرين, ولن تتواني أو تتراجع أو ترتدع لانها تعلم جليا أننا لم نتخلص بعد من مشاكلنا وخلافاتنا ولم نتفق بعد أو نقدم مصالح البلد على مصالح الأشخاص,ولم نترفع بعد عن سفاسف الأمور وصغائرها..
لعل مقتل (الجنيدي) يقلب موازين الفعل الثوري ويغير مجريات المسار ويذيب تلك الأحقاد في قلوب فرقاء المشهد الجنوبي, ويحرك مشاعرهم تجاه شعبهم الذي يدفع ضريبة خلافاتهم ومشاكلهم كلما أشرقت شمس الضحى أو توارت خلف الجبال في حمرة المغيب, أم أن الحال سيظل كما عليه ولن يتغير, الأرواح تزهق والدماء تسفك وهؤلاء في (سذاجتهم) وأحقادهم السياسية والشخصية..