كان دستور الدولة الموحدة للجمهورية اليمنية في عام 1990م دستوراً مقنع نسبياً بأن يكون دستور دولة مدنية حديثة يعتمد عليه لبناء الدولة والمجتمع وحماية حقوق المواطن بمختلف شرائحه الاجتماعية مع بعض النواقص التي غفلت ولكنه كما ذكرت مقبول به لدى عامة الشعب من المواطنين والمثقفين المطلعين عليه . وما أن علمت القوى السياسية والنخب الحزبية والقبلية في شمال الوطن يذلك الدستور عملت جاهدة على محاربته وإنهاكه ليحل بدله القانون القبلي بما يسمى ب" العرف القبلي " أتذكر يومها كان عبد الله سعتر في مجلس الشورى يقول: أشهد لله في الله أن الدستور باطل باطل. وكانت قواعد من تلك الشريحة ترش الجدران بالون الاحمر" لا للخمور لا للفجور لا للدستور" وعلى ضوء ذلك القوى المعارضة في الشمال, تم تشكيل لجنة اّن ذلك لإقناع الرئيس السابق صالح بعدم قبول هذا الدستور الذي كان بنظرهم نظرية ماركس ولينين ويتبناه مجموعة من الكفار والمشركين. ذهب عبد المجيد الزنداني يومه قبل الاعلان عن دستور الوحدة والتصويت عليه الى قصر صالح حاول من خلال تلك الزيارة ثني صالح بعدم قبول دستور علماني كان يطلق عليه في ذلك الزمن بالدستور الذي سيحل بديلا عن كتاب الله في دولة الخلافة القبلية العسكرية. وحين وصل الزنداني الى مجلس الرئيس السابق, أقنعه الاخر بأن الدستور هو مجرد ورق وسوف يرمى أو يطوى ب"الطاجة" ولا تقلق منه يا شيخ عبد المجيد فكتاب الله هو المصدر الوحيد لحكم اليمن. وفعلا مع مرور الايام وبعد الاستفتاء على الدستور وأزمة 1994م تم رمي هذا الدستور المولود مع مولد الوحدة كما تم الاتفاق مع الزنداني على رميه .... وبدء قص الدستور مع أحداث انتخابات وتصويت الى أن أصبح دستور أسمياً فقط يتناسب مع عقول تلك القوى. حل بديله الاعراف والقوانين الغير متفق عليه من القوى المدنية والشركاء السياسيين, تضرر الكثير من المواطنين التواقين للقانون وخاصة أبناء جنوب الوطن من ذلك الشلل الذي أصاب دستور الوحدة المتفق عليه. وخلال عقدين من الزمن تجرع الشعب وتلك القوى السياسية التي سعت جاهدة الى وأده قانون القوي الذي تنفذه القوى العسكرية والقبلية الى أن أعلنوا عن ندمهم بالوقوف الى جوار هذا المشروع الفاشل الذي أفشل بناء دولة. السؤال هنا_ هل سيدرك الجميع أن أي العرقلة لمشروع دستور دولة مدنية سوف تنهي على ما تبقي من الوطن؟؟ وهل ستسعى تلك القوى لتصحيح أخطاء الماضية وتدعم مشروع الدستور الوطني الجامع ؟؟ أم أنه ستكرر أخطاء الماضي وتنهي على كل ما يحن اليه أبناء الوطن من دولة مدنية تستند الى قانون يحمي الجميع من الضرر المستباح داخل البلد؟؟