ضبابية المشهد واستحالة توقع عما ستؤول إليه الأوضاع في المراحل القادمة جعلت الجنوب معلق حائر تتلاقفه الأقدار ، فلا الحراك الجنوبي سيطر على الأرض وتشبث فيها معتمدا على التأييد الشعبي لهدف الاستقلال والتحرير ولا هادي استطاع ان يسحب البساط من تحت الحراك ليبرز كقائد قوي ذو بصمة و يضع الجنوب في قبضته ليغرس لدينا الثقة بترك الشعارات والوقوف معه ولا استطاع بحنكة ان يستحوذ على التأييد المطلق من قيادات الحراك . ساسة جنوبيين كثر وجهوا الدعوات لأبناء الجنوب بالوقوف مع هادي و اعتقد ان ذلك سيتحقق دون عناء الاستجداء من أبناء الجنوب وذلك في حالة الاستطاعة بأحكام القبضة على الجنوب ، فالإحساس بالافتقاد للقوة وعدم السيطرة على الأرض الذي ولده الحراك سيزول ويولد أمل جديد مع طرف آخر فيه آمال تحقيق هذه الأهداف وان كانت بوسائل اخرى ،بشرط طمأنة الجنوبيين حول هدف استعادة الدولة وإقناعهم بالتكتيك السياسي الذي يستدعي العمل به في المرحلة الحالية واستغلال التأييد الشعبي في المحافظات الشمالية والجنوبية والدعم الدولي ، أما عندما تتوفر مقومات القوة بالإضافة إلى التأييد العربي والدولي دون استغلال هذا التأييد في فرض شيء على الأرض او عدم القدرة على تنفيذ حتى القرارات التي تصدر، اعتقد ان الكثير سيبقون في دائرة الحراك الجنوبي وقياداته لتحقيق أهدافهم من منطلق ان الطرفين لا يختلف الكثير بينهم فالأول يمتلك أدوات القوة دون الاستخدام الأمثل لها والثاني لا يمتلك القوة لفرض سيطرة حقيقية ،إذا جميعهم يفتقدون للسيطرة وفرض أمر واقع على الأرض . سأترك الحديث عن الحراك وضعفه الذي ظهر عليه وبحكم ان العالم ينظر إلى مصلحته التي تكون مع المتحكم بمقاليد الأمور و يمتلك القرار. فالطرف الأقوى حاليا داخل الجنوب والحائز على تأييد دول العالم ممثل في الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وهو صاحب الشرعية كرئيس، بالتالي ستكون هذه الشرعية هي الهدف الرئيسي لصالح و الحوثيين في حالة شنت الحرب على الجنوب كون الانفصال أو فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب ليست ضمن توجهات هادي وكل هستيريا عفاش التي ظهرت مؤخرا هي ناتج الشرعية التي يتمتع بها هادي والتي أدت إلى إحباط ما كان يحاك في صنعاء بعد تحرر الشرعية من قبضتهم واتجهت إلى عاصمة الجنوب عدن . -التأييد العربي والدولي لشرعية هادي غير كافي للانتصار أوإعادة موازين القوى ، فعالم المصالح كان مقتنع بحوارات صنعاء و الموفنبيك أثناء ما كان هادي محتجز تحت الإقامة الجبرية وما لبثت ان تغيرت هذه التوجهات السياسية بعد الإفلات من الاحتجاز الجبري . وصحيح ان هناك أهمية في دعم وتأييد الخارج بما فيها دول المنطقة إلا أنها لن ترجع الكفة داخليا ان تم الاعتماد الكلي عليها ، فترجيح الكفة يعتمد القدرة في فن إدارة هذه الأزمات ومد جسور التحالفات لخلق موقف قوي على الأرض والأكبر من ذلك غرس الهبه والثورة مجددا في المحافظات التي تقع تحت سيطرة التحالف العفاشي الحوثي . بالتالي التنسيق على درجة عالية مع المحافظات الشمالية التي مازالت ترفض أي توسع عفاشي حوثي نحوها والمستعدة كي تدافع عن نفسها مما يتيح التنسيق العالي ضربات موحدة وذات تأثير اقوى . ولا يغفل ان التنسيق العالي لا يمكن ان يتم دون إحكام السيطرة على الجنوب الذي يتواجد فيه هادي وتأمينه وعزل القيادات التي تحوم حولها الشكوك من الموالين لعفاش ومنتظرين قدومه للانضمام إليه . - خطوة للأمام التي تم اتخاذها والبدء فيها بفتح المجال لأبناء الجنوب للانخراط في المؤسسة العسكرية والأمنية وينبغي الإسراع فيها وتسليحهم التسليح الملائم وعدم الاكتفاء بشرط إحضار المجند لسلاحه خاصة في اللجان الشعبية فالكثير توجد لديه الرغبة للانضمام لكنه لا يملك سلاح او قيمة هذا السلاح حتى يشتريه . كما ان فتح المجال لانخراط أبناء الجنوب ليس عيبا ولا ثغرة انفصالية بل العكس من ذلك فهو تنفيذ لمخرجات الحوار و نقطة ايجابية ستتولد لدى كل من يثق بهادي ويعطيه الولاء بل وسيدعمون هذه الخطوة حتى لا يحصل كما حدث في صنعاء من خيانات حتى من ألويته وحراسته نفسها جعلته رهن الإقامة الجبرية بسبب اعتماد عفاش على الكثير من الموالين له والذي بهم اسقط صنعاء في يد الحوثيين. امام الرئيس هادي الكثير ليقوم به والا يخيب مناصريه ومؤيديه والآمال التي تعلق عليه ليحافظ على شرعيته التي تغيظ التحالف الحوثي العفاشي .