بدءا نود أن نؤكد على تأييدنا التام لهذه العاصفة المباركة والخطوة المنتظرة، لإنقاذ جنوب الجزيرة العربية من المشروع الإيراني البغيض ، هذا المشروع القائم على استغلال التجمعات الشيعية والنصف شيعية لبسط النفوذ الإيراني وسيطرة إيران المذهبية والفارسية على المنطقة العربية ومقدراتها دون الالتفات إطلاقا للحاجات الأساسية للشعوب المستهدفة ، فإيران عاجزة تماما عن إقامة أي تنمية اقتصادية أو استقرار أمني أو سياسي لهذه التجمعات ، إنها ببساطة تشعل النيران لكنها غير قادرة أو هي غير راغبة في إطفائها . لذا فترك المشروع الإيراني يتمدد هو ترك المنطقة العربية لمستقبل مظلم لا يوجد فيه غير الحرائق . وعاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية هي استجابة طبيعية في مواجهة التمدد الإيراني ، والذي يقوم على القضم التدريجي للمستقبل العربي ، والذي فشلت القومية العربية في الوصول به إلى بر الأمان ، ولكم في العراق وسورية ولبنان واليمن خير مثال ، وهو لن يقف عند هذه الدول بل سيسعى الى التمدد . وفي اليمن وفي جنوب الجزيرة العربية كان من الواضح أن الأمور ستصل إلى الصدام المسلح بين المملكة العربية السعودية وبين هذا المشروع وهو ما اتضح بجلاء في بدء عاصفة الحزم . ونحن نقول أن العاصفة لن تؤتي ثمارها إن لم تكن هناك رؤية سياسية واقعية لمستقبل المنطقة ، وعليه فهناك أمور يجب التنبيه عليها . أولا يجب أن يكون واضحا أن النصر في المعركة بالضربة القاضية أمر وارد لكنه قد يطول زمنا مما يجعل الثمن مرتفعا ، لذا من المؤمل من القائمين على العاصفة ألا يجعلوا هذا الخيار هو الوحيد في استراتيجيتهم ، فلا بد أن يكون هناك استراتيجية أولية تقوم على ما نسميه بالخنق البطيء ، وهي استراتيجية تقوم على أمور منها : - تنظيف عاجل لكافة مناطق الجنوبوحضرموت من القوى المعادية ، وهي ببساطة كافة معسكرات الجيش اليمني السابق ، والمنتشرة على كامل تراب الدولة اليمنية ، إن هذه المعسكرات هي خلايا نائمة خطيرة ، بل حتى المعسكرات التي أعلنت ولاءها لعبدربه منصور يجب الحذر منها والتعامل معها بإعادة تشكيل قادتها العسكريين واستبدالهم بقادة من خارج منظومة الجيش الفاسد . - تشكيل دولة اتحادية جديدة تضم دولة الجنوب العربي وعاصمتها عدن ويمكن ضم مناطق ثبت ولاءها كالبيضاء ومأرب ،ودولة حضرموت وعاصمتها المكلا تحت مسمى دولة الجنوب الاتحادية . - خنق الميليشيات الحوثية وميليشيات المخلوع داخل اليمن الأعلى وتركهم ليغوصوا في وحل المشاكل الداخلية وعجزهم عن استيلاد أي مشروع تنموي اقتصادي ، وهو الأمر الذي لا يمكن لإيران المساهمة فيه ، مما قد ينذر باحتراب داخلي يضعف القوتين العدائيتين واللتان راهنتا على المشروع الإيراني ويمكن أن ينتج عن ذلك طبقة سياسية جديدة تؤمن بالعيش المشترك - إن عزل حضرموتوالجنوب وربما مأرب عن المشروع الإيراني سيفقد هذا المشروع حيويته وقيمته ، ويجعل ثمن الاستمرار فيه مكلفا وهو ما سيسقط المشروع برمته . ماذا على عاصفة الحزم أن تفعل ؟ إن أول ما يجب القيام به عاجلا إنشاء جيش نظامي في الجنوب ، وجيش نظامي آخر في حضرموت ، لأن الحرب عبر القبائل أو اللجان الشعبية هي مخاطرة غير محسوبة فهي تنشر الأسلحة الخطيرة داخل السكان مما قد يدفع الى مرحلة لاحقة من الاحتراب الداخلي . لذا من الضروري إنشاء جيوش نظامية لا يكون فيها أي محاصصة من أي نوع أو أن تهيمن عليه قوى حزبية أو قبلية أو مناطقية . كما أن وجود جيش حضرمي مستقل قد يدفع بالأمور للتوازن في الدولة الاتحادية . وتأسيس هذه الجيوش سيطمئن القائمين على عاصفة الحزم على الجهة التي سيتم تسليحها ، أو الجهة التي ستستولي على سلاح المعسكرات الثقيل ، وسقوط هذا السلاح في أيدي غير معروفة قد تعمل على تخزينها ليوم قادم . كما أن ذلك سيؤمن عدم الحاجة الى تدخل بري خطير لا يُنصح به إلا على نطاق ضيق في مناطق محددة ، وفي ظروف محددة نعتقد أنه في حال تأمين مدينة عدن تماما فإن التدخل البري غير ضروري .
ثانيا : إن على القائمين على عاصفة الحزم أن يعلموا أن الوحدة اليمنية أصبحت من الماضي ، والقبول بها أو فرضها من جديد من أي قوى محلية أو إقليمية هو إجراء كارثي لا يصب في مصلحة المنطقة على المدى القريب والبعيد . ومادامت عدنوحضرموت لا تزال نظريا تتبع صنعاء فإن الحرب ستستمر لأن صنعاء والجيش اليمني يملك الغطاء الشرعي لكل اعتداء تقوم به الميليشيات الحوثية أو المليشيات التابعة للمخلوع . لذا يجب سحب البساط منهم ، وإعلان قيام دولة اتحادية جديدة تقوم على دولة عاصمتها عدن ودولة عاصمتها المكلا . ومما ينبغي ذكره أن مشروع الاستقلال الحضرمي هو مشروع يملك كل الشرعية ، وقد اكتسب الكثير من الأنصار والمؤيدين في الشارع الحضرمي وفي النخب الحضرمية في الداخل والخارج ، وكل ذلك بسبب القراءة المستنيرة لتاريخ المنطقة في الحقب المتأخرة . وفرض دولة واحدة في عدن سيُنظر له على أن إعادة لدولة اليمنالجنوبي سيئة السمعة . ومن المؤمل أن يتم التعامل مع الحقائق الواقعية ، وعدم إغفال المستجدات التي طرأت على المنطقة ، وإلا فإن النار ستظل مشتعلة . إن علاج الحرائق الأول يكمن في عزل المناطق المشتعلة والتعامل معها كلا على حدة ، وهذا ما يسهل إطفاء هذه الحرائق ، وإلا فلا . وبعد إطفاء الحرائق في الدولة الاتحادية وتأمين حدودها يجب الاستمرار في مواجهة المشروع الإيراني التوسعي لكن عن طريق التنمية الاقتصادية مما يؤمن حياة كريمة للشعوب وتؤمن لهم الاستقرار السياسي وهو الأمر الذي سيثنيها عن الدخول في مغامرات خارجية .