فليذهب العملاء, فليذهب المرتزقة, فليذهب الخونة,فليذهب المتمصلحون ومن يقتاتون على حساب الوطن, فليذهب من يريد أن (يطمس) هوية شعب ويغير معالم الجغرافيا ويقتل الإنتماء في دواخل من يتغذون عشق الوطن ويستنشقون عبيره وأنفاس صباحاته ونسائمه التي تهفوا على ملامحهم.. فليذهب الغزاة إلى (مزبلة) التاريخ, وليذهب الطامعين إلى (مكب) النفايات, فليذهب من يدعون حب هذا الوطن زورا وكذبا وزيفا, وهم يطعنونه في خاصرته ويغرزون أظافرهم في جسده, ويمتصون دماءه وينهبون ثرواته وخيراته, فليذهب من قتل الطفولة في مهدها والبراءة في ريعانها, فليذهب من يقتل الأبرياء ويشرد البسطاء وينكل الشرفاء.. فليذهب من لا آدمية له ولا إنسانية بداخله ولا ضمير بين جوانحه, فليذهب الزائفين الورقيين والهلاميين, فلتذهب الأصنام والصخور الصماء, وليذهب عشاق المنصات والمناسبات, فليذهب من يستفيئون ظلال السلام والأمان ويولون الأدبار في الشدائد والوغى والحروب, فليذهبوا حيث يجب أن يكونوا بين لفائف الماضي وتحت الأقدام, وخلف المجهول.. فلتذهبوا.. وليبقى الوطن شامخا أبيا لا ينصاع أو ينكسر أو يهان, يبقى بدماء وتضحيات الشرفاء, ببطولات الصادقين الأشاوس, ومن لايعبدون الدرهم والدينار, ولا يسيل لعابهم لريالات بائسة هزيلة, أو لولاءات ضيقة لجنرالات الحروب والدماء والدمار وتجار الأرواح, يبقى الوطن تاج على رؤوس من يعرفون معنى الأوطان ويحبونها ويعشقون تربتها وعبيرها,وليكن الوطن (صخرة) عصماء تتحطم عليها الكل المؤامرات والشرور والدسائس والمكائد, ويسحق بكبريائه كل من يسعون لإذلاله وتدنيسه واستباحة حرماته وأعراضه.. فلتذهبوا لانه لا مكان لكم بين ثنايا (وطن) غدرتم به وتآمرتم عليه وسعيتم لخرابه, وحاولتم إغراقه في ظلمات الحروب والصراعات والأزمات والنكبات والمشاكل وأنهار من الدماء, سيبقى الوطن لانه ( أحق ) بالبقاء من صغار القوم (وأرذلهم) أخلاقا وفكرا وثقافة, ومن لا يجيدون فنون التعامل وأدبيات عشق الأوطان, ولا يقدسونها أو يحملون لها بين ثناياهم أي قيمة أو معنى.. ستذهبون لا محالة وستغدون لاشيء, وصفحات طواها الزمان وأتت عليها الأيام والسنون, ولن يتذكر منكم أحد شيء سوى تلك الأرواح التي أزهقتموها, والدماء التي سفكتموها, والأجساد التي مزقتموها, والأوطان التي دمرتموها وحولتموها إلى أطلال مدن تسكنها الأشباح, وتخيم عليها الأحزان, وتجوس الآلام وأنفاس الموت في شوارعها وأزقتها..