بالنظر الى القرار الصادم في حقيقة الأمر الذي أصدره الرئيس هادي بتعيين اللواء/ علي محسن الأحمر نائب للقائد الأعلى للقوات المسلحة, يبدو أن التحالف العربي بقيادة السعودية وصل إلى قناعة بخصوص أن من يتولى قيادة معركة صنعاء هو اللواء العجوز المعين في القرار, الشخصية المثيرة للجدل,والتي لها باع طويل ونفوذ لا محدود, استنادا إلى خبرته العسكرية السابقة والطويلة, وتزعمه لستة حروب متتالية ضد ميليشيات الحوثي في صعدة وعمران وأيضا علاقته بالقبائل المحيطة بسياج صنعاء, وكذلك القيادات العسكرية ذات النفوذ في الجيش اليمني. العجوز الأحمر هو الشخصية المختارة الآن والموكلة اليها معركة تحرير صنعاء, على الأقل في الوقت الراهن وسوف يكون له دورا بارزا في رسم معالمة الخارطة السياسية والعسكرية في مرحلة ما بعد تحرير صنعاء وإسقاط تحالف المخلوع صالح والحوثيين, وهو الجزء الأهم من السيناريو الذي سيتشكل لاحقا, والذي سيصاغ من القوى المنتصرة في الحرب. النقطة المثيرة للجدل والأكثر أهمية هنا هي أن اللواء العجوز سيكون له دور بارز في رسم المستقبل السياسي ما بعد إسقاط تحالف الحوثي والمخلوع صالح, خصوصا وأن اللواء العجوز كان له دور سلبي وغير بناء خلال فترة حكم المخلوع صالح بل كان أحد الأركان والرموز النافذة في تلك المرحلة. وفيما يتعلق بالرئيس هادي ففي اعتقادي أنه لا يملك رؤية مستقبلية واضحة لمرحلة ما بعد انتصار الشرعية, وهو في حالة تخبط واضح, وقرار تعيين (محسن) الأخير كان بإيعاز من السعودية ولا علاقة لهادي بهذا القرار سوى الإمضاء والتوقيع عليه فقط بصفته رئيسا للبلاد, والهدف الأبرز من هكذا قرار هو الدفع بمعركة صنعاء من حالة المراوحة في مكانها إلى مزيد من التقدم والإسراع في حسمها عسكريا أو سياسيا. وسوف يكون لهذا القرار صدى ايجابي في شمال اليمن وتحولا مهما في سير المعارك وخارطة الولاءات القبلية والعسكرية. علي محسن الأحمر شخصية براغماتية حادة, وصاحب خبرة عسكرية طويلة, وله علاقات متميزة مع مختلف مراكز النفوذ القبلي والسياسي في الشمال, وهذا ما يهم السعودية في المرحلة الراهنة. إضافة لذلك يعتبر (الأحمر) أحد الشخصيات العسكرية النافذة والمؤثرة في نظام المخلوع صالح ويندرج ضمن طبقة الأثرياء الجدد (السنحانيون) الذين استغلوا مناصبهم العسكرية كوسيلة للثراء ونهب المال العام, وتهريب السلاح والوقود وحتى البشر, ويتهمه كثيرون بقضايا فساد وسطو وانتهاكات تصل إلى حد وصفها بجرائم حرب, أيضا لا يمكن نكران علاقته المبكرة بملف التنظيمات الإرهابية والجهادية الآتية من أفغانستان في تسعينات القرن الماضي. وفيما يخص القضية الجنوبية فان قرار تعيين اللواء الأحمر في منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لا يخدم قضية الجنوب ولا يصب في خدمة تحقيق مطالبهم المشروعة, خصوصا أن اللواء الأحمر احد القادة العسكريين البارزين الذين شاركوا في اجتياح وغزو الجنوب في حرب صيف 1994 . الجنوب وقضيته هو المتضرر الأبرز من هكذا قرار, خصوصا في هذه المرحلة الضبابية والتي يشهد فيها الجنوب فوضى ما بعد الحرب واغتيالات لقيادات عسكرية ومدنية بارزة. قرار مثل هذا لا يمكن وصفه سوى أنه إعادة تدوير (الخراء), وتلميع(الخردة), وهو خطأ تاريخي واستراتيجي ربما تكون عواقبه المستقبلية بالغة التأثير.