(هل يملك البابا فرق عسكرية؟؟) قالها آنذاك القائد السوفيتي (استالين) ساخرا, عندما تحدث عن الفاتيكان.... اليوم نحن كجنوبيين نستطيع أن نجيب بقوة على ذلك التساؤل السياسي والعسكري المهم, فيما قبل كان ذلك التساؤل يطفو إلى السطح في كل مرة وفي كل لحظة سياسية فاصلة منذ العام 2007 الذي انطلق فيه الحراك السلمي لتحرير الجنوب, ولم نجد له إجابات مقنعة وحاسمة. تكمن المسألة والقضية الجنوبية بإيجاز في الاحتلال والهيمنة, ويتمحور حلها في التوصل إلى تقرير مصير لشعب الجنوب واختيار مستقبله السياسي وهذا المطلب تكفله كل الأعراف الدولية والمواثيق الإنسانية. جنوباليمنوحضرموت دخل في وحدة طوعية مع ما يسمى في حينه الجمهورية العربية اليمنية في العام 1990 توجت بفشل ذريع ومدو, ثم انتهت بشن قوات الجمهورية العربية اليمنية حربها على الجنوب واحتلاله في صيف العام 1994. بعد ذلك العام تغيرت خارطة النفوذ السياسي وأصبح الجنوب في مهب ريح صراعات قبلية ومذهبية وسياسية, وصدرت إليه ثقافة القبيلة وتسييس الدين والتي بدورها انعكست على الجهاز البيروقراطي والإداري العام وعلى إثرها تشكلت شبكات مافيوية تمارس النهب والتسلط والسرقة وأضحت تلك ظاهرة يعاني منها المجتمع والإنسان. في الخامس والعشرون من شهر ابريل المجيد تمكنت قوات النخبة الحضرمية من السيطرة على عاصمة محافظة حضرموت (المكلا) ونزعها من قبضة تنظيم القاعدة الأصولي وبمشاركة فاعلة من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة, وما حصل لا يمثل انتصار عسكري فحسب بل يمثل انتصار سياسي كبير على المستوى المحلي والإقليمي والدولي, كتحول سياسي ضخم ستتبعه تطورات ايجابية خصوصا فيما يتعلق بكيفية التعامل مع تنظيم القاعدة والذي يعتبر أحد أذرع المخلوع صالح الممتدة بشكل مستمر في محافظاتالجنوب والتي تستخدم كورقة ابتزاز سياسي, وصيغة مراهنات لقوى محلية متنفذة ما لبثت تتعامل مع ذلك الملف في ذات الإطار الانتهازي. وللأهمية فان السيطرة على عاصمة المحافظة وباقي مديريات ساحل حضرموت تعتبر خطوة مهمة لقطع إمداد قوات المخلوع صالح بالسلاح المهرب عن طريق الساحل, وكذلك قطع لموارد التموين وعائدات الميناء (ميناء خلف وميناء الضبة النفطي) الذي كان يدر أموالا طائلة تقدر بمئات المليارات السنوية لتنظيم القاعدة, وفيما سبق أشارت بعض التقارير الموثوقة بأن هناك فساد مستشري بشكل كبير في مجال النفط وبنسبة 87% (حسب منظمة برلمانيون يمنيون ضد الفساد) وتسيطر قوى نفوذ تقليدية وشخصيات برجوازية مافيوية متمكنة تدور حول كوكب النظام في صنعاء كقوى تسلط واضح, ودخول قوات النخبة يمثل دحر لقوى النفوذ والهيمنة الآتية من الشمال القبلي القروسطي والتي عاثت بمقدرات حضرموتوالجنوب النفطية والبحرية, والسيطرة على حقول النفط والبترول يكون بمثابة صفعة قوية لمافيا النهب والتسلط وورقة مهمة تحسب لقوات التحالف وقوات النخبة الحضرمية الجنوبية. بعد تلك المعاناة والمتتاليات المأساوية المتواصلة من الفساد والنهب والتسلط يتوجب على السلطات الجديدة في حضرموت أن تصب جهودها الحثيثة نحو مكافحة الفساد والبؤر والتجمعات المافيوية القابعة في كل جهاز حكومي ومؤسسة رسمية والعمل على مناهضة كبار البرجوازيين النفعيين مع إيجاد أرضية صالحة لحكم ذاتي يمثل حضرموت كاملة في إطار المشروع الجنوبي الجديد, ويتطلب ذلك إيجاد منظومة تحالف عسكري وسياسي بين مختلف القوى الجنوبية الشريفة من أطراف باب المندب حتى حوف بالتعاون مع قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات. وأعتقد أن الوقت قد حان لنشر قوات النخبة الحضرمية في وادي حضرموت واستلام معسكرات ومراكز المنطقة العسكرية الأولى التي يقودها عبدالرحمن الحليلي والذي قاوم تدخلات تنظيم القاعدة المستمرة ومحاولاتهم للسيطرة على معسكرات ومدن وادي حضرموت. في الأخير (لا يمكن ترميم البيت بأحجار الماضي) قالها استالين أيضا وقد كان استبداديا متطرفا بذلك القدر الذي أفسد ثوريته الحادة إلا أن مقولته الأخيرة تستحق التأمل والتطبيق أيضا وربما كانت القيادة الجديدة في حضرموت في أمس الحاجة لها, ورمي تلك الأحجار المنتفخة من الفساد بمحاذاة البحر كسد صخري حيث تتلقى ضربات المد البحري المستمر كعقاب ومن ثم تنمو عليها طحالب البحر. لا يوجد مكان يناسبهم أكثر من كونهم أحجار مرمية على تخوم البحر. لا يوجد ما يناسبهم أكثر من ذلك...