أصبح في حكم المؤكد بان الأيام القادمة ستشهد توتراً متنامياً لحالات رفض واسعة تتعدى حدود حضرموت لتغطي امتداد الخارطة الجنوبية للتعبير عن مبدأ شعب الجنوب في رفض المشاريع التي تنتقص من حقه في استعادة وبناء دولته، ورفضه لمحاولات تمرير تلك المشاريع الفاشلة التي تنتقص من حقه في استعادة أرضه وبناء دولته وستقود إلى المزيد من الاحتقان الذي بدوره قد يؤدي إلى اندلاع مواجهات مع السلطات الشرعية نفسها حال تهورها وقمع المحتجين, حينها ستتحمل السلطات مسئولية ما ستؤول إليها الأوضاع الهشة أساساً في حال الاستمرار في غيها بمحاولة تمرير تلك المشاريع التي سبق ورفضها شعب الجنوب جملة وتفصيلا. بالوقوف إلى ما نطق به محافظ حضرموت اللواء "احمد سعيد بن بريك" يرى البعض في ذلك مجرد محاولة منه لإرباك مؤتمر حضرموت الجامع ومع ذلك وبرغم إصراره عليه يتضح انه لم يستفد شيئا في حين خسر الشيء الأكثر وربما نكون أكثر دقة في تشخيص نتائج حديثه بأنه قد قطع الشعرة التي كانت تربطه بالغالبية العظمى بجماهير حضرموت وأطلق رصاصة الرحمة الأخيرة على ما له من رصيد في الشارع الجنوبي, ليس ذلك فحسب بل ان هنا ما هو اكبر من ذلك, فالمحافظ حشر الرئيس اليمني "عبد ربه منصور هادي" كما حشر نفسه في زاوية ضيقة وأصبح إما الإعلان عن تدشين العمل بالأقاليم وإعلان إقليم حضرموت الذي يضم إلى جانب حضرموت كل من شبوة والمهرة وسقطرى خلال عشرة أيام ابتداء من يوم 22 ابريل الحالي وإما البحث سريعا مخرج من ذلك المأزق, قد يكون الصمت وعدم تحريك أي ساكن تجاه ذلك مخرجا نسبيا ولكنه سيؤكد ما يثار في الشارع من لغط حول مدى مصداقية وعود المحافظ. أما إذا أعلنها الرئيس فان المواجهة ستحتدم وستدخل في نفق أكثر ظلمة وقد لا يقتصر أمر المواجهة على الحراك وحده خاصة وان هناك جهات أخرى ستجد السلطات نفسها على عداء معها, فمرجعية حضرموت المنبثقة عن مؤتمر حضرموت الجامع ستكون على ذات الخط مع الحراك دفاعا عن مخرجات مؤتمرهم التي تتعارض مع دعوة المحافظ بإعلان الأقاليم اليمنية الستة, و تشمل ثمانية بنود من قرارات وتوصيات مؤتمر حضرموت الجامع في مجملها على التالي: (على ان تكون حضرموت إقليمًا مستقلاً بذاته وفق جغرافيتها المعروفة, مع تمتعها بحقوقها السياسية السيادية كاملة غير منقوصة، مع حقها في التمثيل في أي استحقاق قادم، وفقًا لمعايير المساحة - عدد السكان - الإسهام في الميزانية الاتحادية - معيار البعد التاريخي والثقافي والاجتماعي, مع ضمان التمثيل في الحكومات الاتحادية، والهيئات والقطاعات والمجالس الاتحادية، والمجلس البرلماني وبما يتوافق مع مساحتها الجغرافية وتعدادها السكاني، وإسهامها في الميزانية الاتحادية, مع أحقيتها في التصديق وتوقيع الاتفاقيات والمعاهدات والعقود في مجال الأسماك والاستكشافات النفطية والمعدنية والغاز وعقود الاستثمار داخل حضرموت, والعمل في المراحل القادمة وفي أي إطار كان على تعزيز وجود ممثلي حضرموت في السلطات الثلاث بما في ذلك الهيئات المعنية بمراجعة الدستور أو أي هيئات أخرى بحيث لا يقل نسبة حضرموت عن 40% وذلك بما يتناسب مع مساحتها وإسهامها في الموازنة العامة, واعتمادها كمنطقة عسكرية واحدة وبقيادة حضرمية). من هنا ستكون المواجهة مع مرجعية حضرموت ومن خلفهم جماهير عريضة بالإضافة إلى الحراك وأنصاره الغني عن التعريف والذي يرفض رفضا قاطعا العودة إلى باب اليمن ويعي خطر الأقاليم على قضيته .. ليس ذلك وحسب بل قد تدخل المهرة وسقطرى على الخط ولو باب التضامن مع حضرموت التي تتماها معها في الاستقلالية بإقليمها بالإضافة إلى ما سبق ذكره عن الجنوب عامة ورفضه لليمننة تحت أي شكل كان .. حينها سيكتشف المحافظ مدى صعوبة المأزق الذي وقع فيه مع نفاذ حيله ولن يكون أمامه سوى خيارين لا ثالث لهما إما ان يحل المحافظ مرجعية حضرموت ويلغي مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع وبذات الوقت يحظر أي نشاط للحراك وبالتالي عليه ان يستعد لمواجهة واسعة و تحمل تبعاتها وهو أمر يصعب علية تحمله نظرا لخطورة مآلاته أما الخيار الثاني المتاح أمام المحافظ هو العدول عن توجه والتراجع عن ما صرح به وذلك أمر به من الصعوبة الكثير فالمسألة ليست بالسهلة في حقه بالإضافة إلى رواسب توجهه التي ستؤدي إلى توجس الجميع منه وبالتالي ستكون تصرفاته وتحركاته محل رصد من معارضي توجهه وذلك أمر أيضا صعب عليه التعايش معه, قد يجد المحافظ من يدفع به قدما ويحشد مؤيدين له سواء من حملة المباخر الذين يتكاثرون ويحومون حوله كالفراشات حين تحوم حول الشموع على وهجها, ولذلك التوجه أيضا مآلات قد تكون اخطر مجتمعيا. قبل ان اختتم أود الإشارة إلى ان هناك أمر مهم يتغافل عنه الكثيرين وهو ان الأقاليم لم يقرها مؤتمر الحوار اليمني بل اختلفوا عليها ونتيجة لعد التوافق أقدم الرئيس هادي على إقرارها بنفسه, لذا فإن مشروعيتها من عدمها متروكة للقانونيين والملمين بأُسس وأنظمة مؤتمر الحوار نفسه. ختاما نقولها صراحة للسيد المحافظ وللسائرين في فلكه ان المسألة ليست مسألة وطن فحسب, فالوطن قد يكون ظالما أو مظلوما لا فرق طالما ان فيه الإنسان بكرامته أصبح مستباح وأصبح وقودا لاستمرار تأجيج صراعات صناعة الزعامات الكرتونية, اصحوا واعقلوا فالمسألة اخطر من ترهاتكم وهي ليست بلعبة يا ساده .. المسألة مصير أمة بأكملها...