تحرير المحافظات الجنوب من هيمنة الإنقلابيين وجه ضربة قوية للإنقلابيين ومشروعهم الطائفي المدعوم من إيران ، كما مثل هزيمة قاسية لطموحات إيران في اليمن والجزيرة العربية والخليج ، وإنكساراً لمشروعها التوسعي ، بعد النجاحات التي حققتها في لبنان وسوريا والعراق ، وبعد سقوط صنعاء بأيدي الحوثيين بأيام ، مسؤول إيراني كبير يصرح بكل وقاحة ، العاصمة العربية الرابعة تسقط بأيدينا ، لكن للأسف الشديد تعاملت الشرعية مع المناطق المحررة في الجنوب بتوجس وعدائية وسلبية كاملة ، ولاسيما مع العاصمة الإقتصادية عدن ، فبدلا من أن تبذل الشرعية وخاصة الحكومة بكامل وزرائها ، بعد عودتهم إليها واستقرارهم فيها ، جهودا من أجل رفع المعاناة عن مواطني المناطق المحررة وعن عدن وأهلها بالذات ، التي تضررت كثيرا نتجه غزو الإنقلابيين لها وتدميرهم البنية التحتية عمدا ،والعمل على إعادة وتأهيل شبكة الخدمات ، التي تضررت من هذا الغزو واستئناف عملها لرفع المعاناة عن مواطني هذه المدينة ، ولاسيما خدمات المياه والكهرباء والصحة ، التي لازالت المدينة تعاني منها حتى اليوم ، وغيرها من الخدمات الهامة والضرورية لحياة المواطن كالمشتقات النفطية ، التي شهدت المدينة أزمات خانقة في فترات سابقة ولاحقة ، الإتصالات وغيرها ، بل وقفت متفرجة على معاناة المواطنين ، وكأنها تريد معاقبة المناطق المحررة وأهل عدن بالذات عاى تحررهم وتمردهم على سلطة الإنقلابيين ، بل الأدهى من ذلك ،أنها عرقلة أي جهد لتصحيح الأوضاع في محافظة عدن من قبل السلطات المحلية ، وتطهير مؤسسات الدولة من العناصر الفاسدة والمعادية المحسوبة على النظام السابق ، التي ظلت على ولائها له ، في تحدى واضح لإرادة المواطنين والدروس على معاناتهم وكرامتهم ، كما أعتمدت على مسؤولين ذوي تاريخ سياسي مثير للجدل لإزدواجية ولائهم ، وتهم بالفساد ، وارتباطاتهم بعناصر تعمل على زعزعة الأمن والإستقرار ، كما لم تف الحكومة بتعهداتها وإلتزاماتها بتوفير ميزانيات تشغيلية للمحافظات المحررة ، ممَّاجعلها عاجزة بالقيام بمسؤولياتها في خدمة مواطنيها . ومن الأمور الهامة التي جعلت المواطن لايتفاعل مع الحكومة الشرعية وينظر إليها بسلبية كاملة ، تاخير دفع مرتبات موظفي الدولة لعدة شهور مدنيين وعسكريين ، وكذلك المتقاعدين، في الوقت الذي يدرك الجميع أن أبناء المحافظات الجنوبية ، معظمهم موظفون يعتمدون على الراتب كمصدر رئيسي للدخل ، فلنتصور كيف يمكن أن يكون حالهم وأسرهم عند تاخير هذا الراتب ؟ ، ليس من الإنسانية أن يستخدم الراتب الشهري للموظف أو المتقاعد للإبتزاز السياسي ، يعتبر ذلك نوعاً من الإرهاب ، بل الإرهاب كله ، فسياسة التجويع ، هي من أخطر السياسات التي يتبعها الطغاة ، فهي تعني الموت ببطء ، فالموت بعمل انتحاري أو بعبوة ناسفة أرحم من أن يرى الأب أولاده يتضورون جوعا امام عينيه ، وهو عاجز عن مدهم بالطعام لإنقاذ حياتهم ، كماإن هناك مَنْ هو محسوب على الشرعية ، من يعمل على توتير الأوضاع أمنياً بقصد في المناطق المحررة ، من خلال القيام بأعمال استفزازية ، كإعتقال بعض النشطاء السياسيين والصحفيين ، بل وصل الأمر إلى التصفيات الجسدية لبعض الرموز الوطنية الشابة ، بتهم الإلحاد وغيرها من التهم الباطلة ، التي تذكرنا بالأجواء ، التي سبقت ولازمت حرب صيف 1994 م المشؤومة ضد الجنوب . وكما هو من المحير جدا والمثير للإستفهام والاستغراب ، إلقاء القبض على مجموعة ليسوا من أبناء حضرموت يحملون بطاقات انتساب إلى أجهزة أمنية وعسكرية ، مشتبه فيهم ، إثر محاولة إغتيال فاشلة لمواطن ، علما بأن الوادي قد شهد أحداث إغتيال وقتل لمواطنين وجنود من قوات النخبة في فترات سابقة . وفي مقابلة مع قناة الغد ، أكد محافظ محافظة حضرموت ، أنه لدينا تأكيدات وإثباتات أن الإرهابيين ينطلقون من مواقع عسكرية محددة ومعروفة للجميع بالإسم . ويأتي عزل محافظ محافظة عدن ، الذي يمثل رمزا من رموز المقاومة الجنوبية ، التي لها الفضل الكبير مع قوات التحالف العربي في استقرار الأوضاع الأمنية وهدوئها في المحافظة ، من منصبه بالشكل المهين ، قمة الاستفزاز والعدوانية ضد الجنوب ومقاومته . وفي الوقت الذي نرى أنه لابد من الوقوف مع الشرعية والتحالف العربي في حربهما ضد الإنقلابيين ، من أجل اسقاط الإنقلاب وعودة الشرعية ، وهزيمة المشروع الإيراني الطائفي في اليمن والجزيرة والخليج ، على الرئيس أن يقف بقوة ضد اللوبي المحيط به ، الذي ينظر إلى الجنوب بأنه عدوه الأول، وليس الإنقلابيين ، ويعمل على توتير الأًوضاع وعرقلة تطبيع الحياة فيه ،فالجنوب في نظرهم متمرد على وحدتهم الفاشلة ، لابد من تأديبه وإعادته إلى بيت الطاعة حرباً أو سلما، فتمسكهم بالوحدة ، ليس حباً فيها ، وإنما حفاظا على مانهبوه من الجنوب من أراضي وثروات .