للباحث عن العيد وفرحته فحتماً سيجدها مرسومة على وجوه الصغار الذين يلبسون الجديد ويقهقهون ببراءة للمرة الرابعة على التوالي ومعها يفرح الجميع بعد أربعة أعياد متتالية عشها المجتمع العدني بعد تحرير المحافظة من مليشيات الحوثي بتاريخ 17يوليو/تموز من العام 2015م. وفي ظل الارتفاع في أسعار الملابس أصاب الكثير من الناس بالصدمة جرى هذا التطور لأول مرة حيث زادت بما نسبته 30% على أقل تقدير إلا أن لجؤ الحكومة اليمنية بتاريخ 26رمضان من الشهر الفائت أعاد الأمل للكثيرين من خلال صرف مرتبات العسكريين والمدنيين مما نجحت الكثير من الأسر من اقتناء ثياب العيد لصغارها مما جعلهم يستشعرون بالفرحة مع الأقران بالإضافة إلى شراء الأسر كل ما تحتاجه.
ووسط هذه الفرحة إلا أن مشاكل الخدمات باتت تورق المواطن العدني فالكهرباء والماء مشكلتان مازالتا ينتظرن الحل ووسط تكبيرات المساجد وتهاليل المكبرين تزاور الأهل والأقارب كما هي العادات والتقاليد والأعراف الدينية وزيارة الأصدقاء إلا أن الهجرة إلى المتنفسات والحدائق طغى على حركة الناس في الشوارع والأزقة وبدأت مئات العائلات تتهافت إلى الملاهي بالإضافة إلى السواحل.
انتزاع الفرح من وجوه اليأس
عن الفرح والاستماتة في نيله يذهب الأكاديمي عبد الحكيم باقيس بقوله ؛ ‘‘مهما تكن الظروف القاسية من حولنا من نقص شديد في الخدمات في كل المستويات.. وغياب لأبسط الحقوق.. فيجب علينا أن نجتهد في انتزاع الفرحة والابتسامة من براثن الأحزان ؛ لقد مررنا بأهوال وأحداث عاصفة في السنوات الأخيرة ولم تزل آثار جراحاتها قائمة ونعيش الآن في واقع تصدر مشهده الانتهازيون في مختلف المجالات على الرغم من كل ذلك يجب أن نفرح.. ونشعر كل من حولنا بفرحنا وقد أمرنا الله بأن نفرح لأننا نكون في كل عام في هذا الموعد المبارك للفرحة بتمام فريضتين أو ركنين من أركان الإسلام الخمسة إنهما صيام رمضان وتأدية الزكاة ألا يستحق هذا الفرح''.
ويضيف أستاذ اللغة العربية بجامعة عدن الدكتور باقيس ؛ ‘‘إن الله وعدنا بالأجر.. يقول الله تعالى:‘‘وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ''. فيجب أن نفرح بتمام تأدية الفريضتين، ونتطلع بفرح كبير إلى صبيحة أول شوال، يوم العيد يوم الجوائز العظيمة للصائمين ونحمد الله على نعمة الإسلام على الرغم من أنف أعداء هذا الدين القويم بكل ألوان قبحهم''.
ويشدد الدكتور باقيس ؛ ‘‘على أن كل هذا يستحق الفرح.. والفرح هنا تعظيم شعيرة من شعائر الدين الذي تحيط به التحديات وينسب إليه الباطل من قبل أهل الباطل يجب أن نفرح ونشعر أعداء هذا الدين بفرحنا لأنهم لا يردون لنا أن نفرح وبسرهم أن ننال من أيامنا المباركات من عند الله عندما لا نشعرهم بفرحنا ولذلك نحن أمة تعتز بأيامها وشعائرها على الرغم من كل المحن ولألم باختصار العيد عيد فرح ويجب أن ندخل الفرحة إلى حياتنا''.
كيف ساهمت الرواتب في إسعاد الناس؟
من جانبه ؛ قال الصحفي أدهم فهد ؛ ‘‘إن عيد الفطر ، جاء هذا العام في ظل وضع اقتصادي متحسن تشهده العاصمة عدن، مما أثر إيجاباً على مظاهر العيد ؛ مضيفاً ؛ بأن ما يميز هذا العيد عن سابقيه خلال العامين الماضيين هو تمكن الحكومة الشرعية من صرف مرتبات السواد الأعظم من موظفي الدولة مدنيين كانوا أو عسكريين، مما مكنهم من توفير احتياجات العيد بعكس العامين الماضيين''.
وتابع عبر؛ ‘‘إن المواطنين في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، لم يحتفلوا بعيد الفطر فحسب، بل احتفلوا أيضاً بذكرى النصر ودحر ميليشيا الانقلابيين والتي توافق تاريخ ال27 من رمضان ، ليكون بذلك عيدهم عيدين ؛ عيد الانتصار وعيد الفطر''.
الجندي بلواء الدفاع الساحلي بعدن ‘‘رأفت سمير'' هو الأخر ألمح إلى أن استلامه لراتبه مكنه من التغلب على متطلبات البيت بما فيها حاجيات العيد وما تطلبه هذه المناسبة من طقوس ناهيك عن شراء قائمة من الأغراض والملابس لأفراد عائلته الذين استبشروا خيراً بصرف المرتبات.
هذا وشهدت أسوق عدن انتعاشاً بشكل لافت منذُ تاريخ 25رمضان حتى صبيحة يوم العيد فمع تسليم رواتب الموظفين نزلت ألآلاف العائلات إلى الأسواق لشراء ما تستهويه كل أسرة من ملابس ومتطلبات العيد من فستق وزبيب وبن وحلويات وكيك وغيرها.
مآسي وطقوس وقهقهات الصغار
يتفق رئيس مؤسسة خليج عدن للإعلام ‘‘خالد الشودري'' مع الكثيرين ممن يتحدثون عن تردي الخدمات التي تحول دون اكتمال فرحة الناس بعيد الفطر كمواصلة انطفاء التيار الكهربائي بشكل مستمر رغم رفد مؤسسة الكهرباء ب‘‘60'' ميجا وات و‘‘25'' أخرى مستأجرة وانقطاع الماء طفح المجاري.
ويعلل المشكلة بقول ؛ ‘‘ما من شك بان تردي الخدمات تنعكس سلبا على استعدادات الناس لاستقبال العيد فتقل مظاهر الاحتفال بسبب تدهور المظهر الجمالي و التحسيني للمدينة'' حسب قوله.
ومع تكبيرات الصباح الأولى لمساجد مديريات عدن المختلفة هرع الناس مع بكور يوم عيد الفطر المبارك إلى المساجد والمُصليات لتأدية صلاة العيد في جو يسوده الأخوة وقلوب تحففها الطمأنينة وتهاليل ترددها أزقة ‘‘الحوافي'' لتعج الشوارع والأزقة بالصغارة تارة والكبار تارة أخرى لزيارة كلاً لأقربائه وأصدقاءه في صورة تجسد معنى الوئام ومدى الانسجام في المجتمع العدني.
للمتمعن بالثقافة العدنية وخاصة في الأعياد سيجد طقوساً خاصة في البيت العدني ؛ فهذا الضيف أو ذاك الزائر عادة ما تغدقه الضيافة بالشاي العدني الأصيل والبن والفستق والزبيب وكل ما حلى وطاب بالتزامن مع التهاني بالعيد والتبريكات بهذا اليوم المبارك.
سواحل البحار والحدائق والصهاريج والمتنفسات هي قبلة الجميع يوم العيد فربة البيت ‘‘زهرة علي'' التي تسكن على مقربة من جولة ‘‘زكو'' بالمدينة القديمة حيث كرنفالاً عيدياً يقع هناك ؛ تتحدث عن فرحة الصغار وهي التي تتعدد هوية أولادها بين اللعب ب‘‘الدرهانة'' والركب على ‘‘الجاري جمل'' واللعب ‘‘جنباز'' وقيادة السيارة الصغيرة ذات دفع رباعي وسط فرحة غامرة وطقوس عيدي يقام كل عيد.
الحدائق تضج بالزوار والبحر بالرواد
الطفلة ‘‘حسون عبد الحميد'' _12_عاماً تتحدث عن شغف حلول العيد واشتياقها للذهاب وعائلتها إلى حديقة ‘‘الكمسري'' _الملاهي_ الكائنة بمديرية دار سعد _شمال عدن_ هذه المناسبة باتت تنتظرها ‘‘حسون'' باستمرار بهدف الترويح واستكمال الفرحة حسب وصفها.
ومع رحلة أسرة الطفلة حسون إلى الملاهي يوم العيد تجد الأسرة ضالتها كما تجد الطفلة سعادتها وابتسامات مئات الأطفال الذين يغو صون في ثنايا الحديقة منهمكين باللعب على أصناف اللُعب الموزعة في أروقة الحديقة ؛ ولم تكن ملاهي دارس سعد هي الوحيدة تستقبل الزوار فحسب ؛ فحديقة ‘‘فن سيتي'' هي الأخرى تزدحم بالقادمين من جميع مديريات المحافظة الثمان.
وعلى بعد أمتار من بوابة القصر الجمهوري _معاشيق_ بمديرية ‘‘كريتر'' تتدفق العائلات بشكل كبير إلى الحديقة التي تقع على شاطئ البحر والتي تعج بالألعاب ومقابل _أي_ أن مقابل كل لعبة يدفع الطفل ما نسبته ‘‘200'' ريال إلى ‘‘500'' ريال للعب في أيٍ من ألعاب الحديقة.
فبينما تختار بعض العائلات زيارة الحدائق يُصر البعض الأخر من ارتياد البحر كي يلعب صغارها على الشاطئ فيذهب المئات إن لم يكن الآلاف من العائلات يومياً إبتداً من اليوم إلى شواطئ التواهي وخور مكسر والبريقة ك‘‘جولدمور ؛ العشاق ؛ العروسة ؛ ساحل أبين ؛ الغدير ؛ عمران''.