نال خطاب أو بالأصح محاضرة المحافظ المستشار عبدالعزيز المفلحي, حيزا كبير في اهتمام وسائل الإعلام وشبكات التواصل, منذُ يوم أمس وحتى الساعة, بين من ينظر للرجل بنظرة الأمل في بداية مرحلة حقيقية من النهوض لعدن,وبين من يخاف على المحافظ ويرى أن المستشار والمحافظ لعدن قد اتى في زمن غير زمانه وسيتم استهدافه, وبين من يرى ان المحافظ ستساعده الظروف على النجاح. هنا أود ان اقف مع القارئ أمام اهم ماورد في محاضرة المحافظ القيمة والهامة وكيف نتعامل معها.؟ لقد كان المحافظ يتحدث بلغة المدرك لعمله والفاهم للوضع القائم في عدن والجنوب واليمن ,وهذا ماسيجعله ينجح في مهامه, ففهم الواقع والمهمة أهم عامل من عوامل النجاح..ان هو تجاوز تلك النقاط الصعبة التي أشار لها في معرض حديثه ,واولها الفساد ومن يقفون معه, عبر تغيير الوجوه الفاسدة, اذ لا يمكن له ان يبني بيت سليم بمن كانوا السبب في تخريب البيت!
الأمر الثاني.. لقد اعلن بوضوح ان عدن ثروة ,ولكنها ثروة منهوبة بايدي اللصوص ,وهذا يعني أن على الرئيس والحكومة والمجلس الانتقالي والمقاومة, ان كانوا فعلا يريدون لعدن النهوض وعدم تاثرها بالخلاف السياسي, ان يوقفوا مع المحافظ, لكي يتجاوز تلك المهمة, لان اللصوص ليس لهم مكان واحد, وسوف يلعبون على ورقة الخلاف القائم للاحتمى ,حتى يظل النهب للموارد التي اوضح المحافظ بعضها مثل ضرائب القات والجمارك. واشار إلى انها تهدر بسبب تقصير أو تعقيد في المتابعة وغياب المحاسبة, وعدم الحرص على جمعها.
الامر الثالث.. تحدث المحافظ بقوة وصراحة حول الوحدة اليمنية كمشروع كان يمثل حينها هدف الجميع وان من سعوا للوحدة كانوا يعتقدون انها تعني الزيادة في القوة وليس النقصان, والحرية وليس العبودية والتبعية, والكرامة وليس الإذلال, وقال حينما خالفت الوحدة هذه المفردات كانت الثورة ضدها, وحينما أراد الجنوب الخروج عن تلك المفردات ,كانت الحرب عليه.. واعتقد ان المحافظ قد وضع التشخيص المختصر المفيد لمن يتساءل..
لماذا تحول مزاج الشعب الجنوبي من حب الوحدة الى كراهية.. وقد بين ان الاتحاد لم يكن مرفوض وهو ما اشار له في حديثه, ولكنه على أساس وليس كما كان قائم أو يريده البعض تابع, فالجنوب قد غادر مربع التبعية ولن يرضى بحلول جاهزة مغولبة..
الأمر الرابع.. لقد كان صوت المفلحي صوت واضح لعله اراد ان يرد على أطراف عديدة برسالة واحدة . وقال لن نرضى ان يتم وضعنا في زاوية ضيقة أو في هوية غير هويتنا.. ولم يكن كلامه هذا موجه للامارات أو طرف معين, كما فسره البعض, بل اعتقد انها كانت رسالة للجميع, وافهما يافهيم..
أن المحافظ صاحب قرار كما نعرفه ويعرفه الزملاء في الحراك, لايمكن له ان ينفذ مشاريع جاهزة أو يقبل الوصاية من أحد...كما قال في كلمته. لقد كان صريح في مطالبته بالشراكة الجنوبية مع التحالف, بمطلب علني رسمي من قيادي بارز في السلطة, يطالب بالشراكة الصحيحة مع التحالف وليس التبعية, وهذا ربما يظهر لماذا هناك تحفظات على المفلحي, وعدم تمكينه من مزاولة عمله.!!
أخيرا.. لقد كان المفلحي حريص على تاكيد عمق العلاقة مع السعودية والإمارات وباقي دول التحالف حتى ِيقطع الطريق على من يريد وضعه في زاوية معينة. أو يحسبه حسبه غلط..
والخلاصة.. نرى ان عدن قد كسبت بقدوم المفلحي في هذا الظرف, وان كان الوقت غير مناسب بحكم بعض الارهاصات والخلافات التي قد توثر على نجاحه, غير ان تمتعه بالمرونة السياسية سوف تمكنه من نسج علاقات مع الجميع بإذن الله, وهو ما يتضح من حرصه على تجنب أي صدام حول موضوع تأخر تسلمه لمقر مكتبه,لادراكه بمخاطر الصراع..
ندعو الجميع إلى الوقوف مع المحافظ فهو ليس محافظ لقريتهُ وقبيلتهُ التي ينحدر من أصولها يافع والشعيب في الضالع.. بل لعدن التي ولد فيها, وهو شرف لعدن ولابناء ذلك الجيل أن يعود واحد من أبناء الأسر المتضررة بعد 67م ليتولى قيادة عدن, كرد اعتبار لتلك الفئة من المجتمع, وتاكيدا على أن التسامح والتصالح حقق ثماره.