الأمثال الشعبية الدارجة في وطننا الجنوبي كثيرة جدا كبقية شعوب المعمورة أنتجتها فراسة العقل البشري منذ القدم ، كثير من هذه الأمثال الشعبية تحمل في طياتها عدد من الحكم والمعاني والدلالات بل ان بعضها يطلق صرخات التحذير والإنذار المبكر من خطوب الزمان وتقلباته . في هذا الحيز نقف اليوم امام المثل الشعبي ( أطلقيني يا عنبه وعنبش لش ) ومن خلال العودة بالذاكرة الى حقبة ستينات القرن الماضي عند استلام ثوار اكتوبر لمقاليد الحكم في الجنوب روج الرفاق آنذاك لكثير من الوعود لإيهام البسطاء والمتحمسين للوقوف مع النهج الجديد (مرحلة التحول عبر الثورة الديمقراطية الشعبية ) حسب وعودهم وان النظام الجديد سوف ينقل الحياة المعيشية للجماهير الجنوبية الى اعلى مستوى من الرفاهية والرقي وسيتم زرع الشوارع في المدن بالأشجار المثمرة وسيتناول السكان فيها العنب والتفاح من نوافذ المنازل .. هذه الوعود نفذها الرفاق فعلاً وتلقى السكان الرمانات من النوافذ في صراعاتهم في شوارع عدن ( الرمانات نوع من القنابل اليدوية ) بعد هذه الأحداث المأسوية خرج من العامة من يقول اطلقونا وعنبكم لكم . ومرت الايام وهلت على شعب الجنوب المنكوب بشرى وحدة (بلح الشام وعنب اليمن ) وبالرجوع الى الخطابات الرنانة لمروجين العنب في تلك المرحلة أوهموا الجماهير ان الوحدة عزة وشرف وكرامة ، وهي منطلق لفتح الأفاق الاقتصادية والمعيشية للشعب اليمني حسب تعبير الخطباء في مرحلة الوهم .....، لم يمر الأسبوع الاول من عمر الوحدة الا وقد تجاوز سعر صرف الدولار الامريكي مقابل العملة المحلية اضعاف الاضعاف ، حيث كان المواطن يتفرج على عنب اليمن ولا يستطيع ان يطوله .. حتى عام 1994م تكرر في الواقع معنى المثل ( فكني وشل دي باتشله ) عند الوصول في هذا السرد الى واقعنا المعيشي اليومي نرى ان الوعود البراقة تكررت في هذه الأثناء ولكن من المحيط الاقليمي وليس وعود محلية كما في الحالتين السابقتين أعلاه والفارق ان عنب الاقليم ورمانتاه تأتي عبر الجو وبالطائرات العمودية ..... لهذا يتردد على مسامع الكثيرين في الآونة الأخيرة من المتابعين للرأي العام والمزاج الشعبي في الشارع الجنوبي التواق للعيش الكريم على أرضه كثير من الأمثلة والنكات السياسية الساخرة من الواقع المرير والحالة المزرية التي أوصلتنا اليها الخطابات الجوفاء والقفز على الواقع وأضحى المثل أطلقيني يا عنبه وعنبش لش مطلب شعبي ملح سينفذ عاجلاً او اجلاً .....