السعودية: حالات اشتباه تسمم غذائي في حفر الباطن وإجراء عاجل من أمانة المنطقة    لعبة المصارفة التي تمارسها الشرعية تحصل على الدولار بسعر 250 ريال يمني    ماذا يحصل على مذبحة سعر صرف؟!    باير ليفركوزن يكمل الثنائية بالتتويج بكأس ألمانيا على حساب كايزرسلاوترن    باريس سان جيرمان يتوج بكأس فرنسا بعد تفوقه على ليون في النهائي    ريال مدريد يتعادل امام بيتيس في وداعية كروس    الميلان يودع حقبة بيولي بتعادل مخيب امام ساليرنيتانا    لودر بأبين ترتجف تحت وطأة انفجار غامض    "فاطمة محمد قحطان" تُدوّن جانباً من معاناة أسرتها جراء استمرار إخفاء والدها    الحرب على وشك الاتساع: صراع دامٍ بين الهاشميين بصنعاء والحوثيين!    " بريطانيا والحوثيون يتبادلون الرسائل خلف الكواليس"    بوتين يكشف مفاجأة بشأن مقتل رئيس إيران    هل هو تمرد أم تصفية؟ استنفار حوثي في صعدة يثير مخاوف من انقلاب داخلي    الحوثيون يواجهون وحشاً جديداً: جرائمٌ غامضة تُهدد صفوفهم!    العميد طارق صالح يعلق على فوز العين الإماراتي بدوري أبطال آسيا والأهلي المصري بدوري أبطال إفريقيا    عيدروس الزبيدي يصدر توجيهات عاجلة للحكومة بعد انهيار الريال اليمني في عدن    بتمويل سعودي.. العرادة يعلن إنشاء مدينة طبية ومستشفى جامعي بمدينة مارب بمناسبة عيد الوحدة اليمنية    إضراب شامل في أفران عدن والضالع احتجاجًا على ارتفاع أسعار الروتي    قبائل الصبيحة تودع الثارات والاقتتال القبلي فيما بينها عقب لقاءات عسكرية وقبلية    غزة.. استشهاد 6 نازحين بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    البرلمان العربي: الاعتراف الدولي المتزايد بدولة فلسطين يمثل انتصاراً للحقوق وعدالة للقضية    المنظمة البحرية الدولية تدين هجمات الحوثيين ضد ممرات الشحن الدولي مميز    الرئيس الزُبيدي يشدد على ضرورة اضطلاع الحكومة بمسؤولياتها في انتشال الوضع الاقتصادي والخدمي    الموت يفجع مخافظ محافظة حضرموت    مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي يقدم رؤية للحد من الانقسام النقدي في اليمن مميز    أيمن باجنيد "رجل الظل لدعم الارهاب و تعزيز الفساد في اليمن"    - لاول مرة منع دخول اجهزة إنترنت فضائي لصنعاء من قبل الجمارك فما هي اجهزة الإنترنت الفضائي    برشلونة يعلن إقالة تشافي رسمياً    اليدومي: نجاح التكتل السياسي الوطني مرهون بتجاوزه كمائن الفشل ومعوقات التحرير    الفريق الحكومي: المليشيا تتهرب من تنفيذ التزاماتها بشأن المختطفين عبر خلق مسرحيات مفضوحة    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب غربي اليمن    بعد تعادلة مع نادي شبام .. سيؤن يتاهل للدور 16 في كأس حضرموت ثانيا عن المجموعة الثامنة    البنك المركزي يشرعن جرائم إنهيار سعر الريال اليمني    بن ثابت العولقي: الضالع بوابة الجنوب وقلعة الثورة والمقاومة    34 تحفة من آثار اليمن مهددة للبيع في مزاد بلندن    شاهد: مراسم تتويج الهلال بلقب الدوري السعودي    الامتحانات وعدالة المناخ    مليشيات الحوثي تصدر بيانا بشأن منعها نقل الحجاج جوا من مطار صنعاء إلى السعودية    السعودية تعلن عن الطرقات الرئيسية لحجاج اليمن والدول المجاورة للمملكة للتسهيل على ضيوف الرحمن    كيف يزيد الصيف أعراض الربو؟.. (نصائح للوقاية)    حملة طبية مجانية في مأرب تقدم خدماتها لأكثر من 839 من مرضى القلب بالمحافظة    عالم يرد على تسخير الإسلاميين للكوارث الطبيعية للنيل من خصومهم    الفن والدين.. مسيرة حياة    عن طريق أمين جدة السعودية.. بيع عشرات القطع الأثرية اليمنية في لندن    أحدث ظهور للفنان ''محمد عبده'' بعد إصابته بالسرطان.. كيف أصبحت حالته؟ (فيديو)    دورة الانعاش القلبي الأساسي للطاقم الطبي والتمريضي بمديرية شبام تقيمها مؤسسة دار الشفاء الطبية    المهندس "حامد مجور"أبرز كفاءات الجنوب العربي تبحث عنه أرقى جامعات العالم    تصحيح التراث الشرعي (32) أين الأشهر الحرم!!؟    إعلان سعودي رسمي للحجاج اليمنيين القادمين عبر منفذ الوديعة    نايف البكري يدشن صرف البطاقة الشخصية الذكية لموظفي وزارة الشباب والرياضة    وزير الأوقاف يحذر ميليشيا الحوثي الارهابية من تسييس الحج والسطو على أموال الحجاج    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر على هامش "الربيع اليمني"
نشر في عدن الغد يوم 15 - 02 - 2018

في أي محاولة لتوصيف أي ظاهرة يجد المراقب نفسه إزاء كم كبير من الدعاية والدعاية المضادة، التي تعمل على خلط الأوراق، وبلبلة الرؤية، وتمويه الحقائق الواضحة.
وإزاء ثورة الشباب في اليمن، أو ثورة 11 فبراير، نجد فريقاً ينظر إلى الثورة على أساس أنها تجسد معنى الطهارة الثورية، والتجرد الإنساني، وتكاد بعض الكتابات ترتفع بثوار فبراير إلى مصاف الملائكة، فيما يرى فريق آخر أن هذه الثورة كانت «نكبة» على اليمنيين، ويكاد يضع ثوارها في خانة الشياطين، الذين كانوا سبباً في خراب الأوطان وتمزق المجتمعات، بل إن بعض المشاركين فيها أعلنوا ندمهم، وبين الفريقين قل من ينظر إلى الأحداث من زاوية القارئ الموضوعي، الذي يتجرد عن هواه مع الثورة أو ضدها.
بداية علينا أن نقر أن اللوحات التي رسمها شباب وشابات اليمن في 2011 في تظاهرات سلمية، مطالبة بتغيير النظام، نالت إعجاب العالم، خاصة أننا إزاء شعب مسلح، ترك أبناؤه السلاح وخرجوا في تظاهرات سلمية طلباً للتغيير. كان الخط العام لتظاهرات الشباب سلمياً، عدا بعض الأحداث المتفرقة هنا وهناك التي اندلعت فيها مواجهات مسلحة بين قوات مؤيدة للرئيس السابق علي عبدالله صالح وما عرف حينها ب»أنصار الثورة الشبابية» من العسكريين المنشقين عن نظام حكم صالح، ناهيك عن جريمة استهداف المصلين في مسجد دار الرئاسة. كانت مطالب المتظاهرين تلقى تجاوباً لدى فئات الشعب المختلفة، ولم يكن أحد يعارض مطالب التغيير، حتى أن الرئيس السابق- بتكتيكاته المعهودة- كان يحاول أن يخطب ودهم في خطاباته، محذراً من استغلال الشباب من قبل أحزاب المعارضة.
لا شك بعد ذلك أن الأحزاب السياسية المعارضة حينها وجدت في ثورة الشباب فرصة لتحقيق مكاسب سياسية، كما هو شأن المعارضات المختلفة، مع العلم أن تلك الأحزاب وإن أسهمت في تغذية التظاهرات وأعطتها أبعاداً سياسية، إلا أنها لم تكن الشرارة التي اندلعت منها أحداث فبراير. إن واحدة من أهم سمات ثورة الشباب في اليمن أنها كانت كغيرها من ثورات الربيع العربي- ثورة شعبية، أي أنه لم تكن لها قيادة سياسية موحدة، كما أنها رفعت شعار «إرحل» من دون أن يكون عندها البديل المناسب لشغل أماكن الراحلين، لم تكن الثورة تدرك الآثار المحلية والتداعيات الإقليمية والدولية لإسقاط النظام، نظراً لكونها ثورة شعبية، لم تنضج سياسياً بعد، أو بعبارة أخرى كان هدف ثوار فبراير «إسقاط النظام» من دون أن يكونوا جاهزين لليوم التالي، بالبحث في «إقامة نظام» جديد على أنقاض النظام الراحل. لم يكن لدى الثوار البديل المناسب، وهذه كانت نقطة ضعف، كما لم يكن لديهم تصور عن كيفية إدارة البلد في اليوم التالي لسقوط النظام، وحتى المعارضة السياسية حينها لم تكن مهيأة لاستلام السلطة، والقدرة على تسيير أمور الدولة وسط غابة من العلاقات المتشابكة محلياً وإقاليمياً ودولياً، وهو الأمر الذي جعل المجتمع الدولي والإقليمي يدرك خطورة دخول البلاد في الفوضى، فضغط باتجاه تشكيل حكومة وفاق مناصفة بين النظام السابق والمعارضة، نظراً لإدراك القوى الدولية والإقليمية أن الشباب والأحزاب وإن كانت لديهم القدرة على إسقاط النظام، إلا أنه لم تكن لديهم القدرة ذاتها على إقامة نظام جديد، من دون أن نغفل عن حقيقة شبكة المصالح المحلية والإقليمية والدولية التي كانت تتمثل في نظام الرئيس السابق.
ومهما يكن من أمر فإن ثورة 11 فبراير السلمية، لم تكن السبب في ما وصلت إليه البلاد من احتراب، السبب في ذلك يرجع إلى انقلاب 21 سبتمبر المسلح، أما من يقول إن ثورة فبراير هي التي هيأت لانقلاب سبتمبر، فإننا عندما نأخذ بهذا المنطق، يمكن أن نقول إن فساد النظام السابق ومحاولات التوريث كانت أهم أسباب اندلاع ثورة الشباب. بعبارة أخرى يمكن القول إن فبراير لم يقد إلى الحرب، ولكنه قاد إلى الحوار الوطني وحكومة الوفاق التي أسقطها الانقلاب. لا يمكن لرموز النظام السابق أن يقولوا إن ما تعرضت له البلاد من حرب كان بسبب ثورة فبراير، لأن هؤلاء الرموز كانوا سبباً كبيراً في اندلاع الأحداث، حيث يحمل كل نظام في ذاته بذور الثورة عليه، بسبب سلوكه السياسي وأدائه الاقتصادي. وبغض النظر عن الجدل السائد اليوم حول فبراير، فإن على الشباب أن يدركوا أن النظام السابق نجح إلى حد كبير في تشويه الثورة لدى قطاعات واسعة من اليمنيين، لا هم لهم إلا الحصول على الخدمات المعيشية اليومية، أما ما عدا ذلك، فإن عامة الناس لا ينظرون إليه إلا من زاوية الخلافات السياسية التي لا تعنيهم في شيء. وهنا يمكن للشباب أن يظلوا متمسكين بأهداف فبراير الجوهرية، في التحول الديمقراطي السلمي، والدولة المدنية، والعدالة الاجتماعية، ودولة المؤسسات وحكم القانون، وغيرها من الأهداف، مع ضرورة الاعتراف بالأخطاء التي رافقت التحركات، والإخفاق في بناء منظومة جديدة، والدخول في تسوية كانت نتيجة عدم القدرة على القيام بثورة كاملة، والاستغناء عن ذلك بنصف ثورة، ضمت كثراً من عناصر النظام السابق الذين جاءت الثورة في الأصل ضدهم.
نقطة مهمة يجب الإشارة إليها هنا، وهي أن كثيراً من زعماء فبراير ينظر إليهم كثير من الشباب الذين خرجوا في 2011 على أنهم خانوا مطالب وشعارات الثورة، وأنهم استغلوا الثورة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وامتيازات أخرى، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، وهو ما أعطى خصوم فبراير فرصة لمهاجمة الثورة من أساسها. ومهما يكن من أمر فإن الأحداث اليوم تجاوزت وقائع 2011 في اليمن وغيره من بلدان الربيع العربي، الأمر الذي يحتم تجاوز مفردات الخطاب الثوري في 2011، إلى لغة أخرى تستوعب حقيقة أن عاصمة اليمن تحكم اليوم من قبل جماعة مليشاوية طائفية، استغلت ثورة الشباب، وأجادت التكتيك، إلى أن وضعت يدها في يد الناظم الذي ثارت عليه، واستمرت في التكتيك، إلى أن التهمت هذا النظام، وقتلت رأسه، بعد أن ضربت ثوار فبراير، وذهبت تذكي النزاعات المذهبية، وتقضي على التلاحم الوطني، وتحدث تصدعات هائلة في بنية المجتمع اليمني الدينية والفكرية والثقافية والاجتماعية.
لا يعني ذلك بالطبع تجاوز مطالب فبراير في التغيير، ولكن يعني إنتاج خطاب سياسي جديد يستلهم أهداف ثورة الشباب، وقبل ذلك مبادئ ثورتي سبتمبر وأكتوبر، بعيداً عن الألوان الأيديولوجية والحزبية، خطاب يعي ضرورة توحد جميع ضحايا الحوثيين في اليمن تحت يافطة واحدة هي «إعادة الشرعية، وإسقاط الانقلاب».
إن الانطلاق من هذا المنطلق لا يعد تنصلاً عن أهداف فبراير، ولكنه يعني الاستيعاب التام للمياه الكثيرة التي جرت تحت الجسر في اليمن، وهو الأمر الذي نقل الثورة من طور السلمية بمنطقها المدني إلى طور العمل المسلح بتكتيكاته العسكرية. وبما أن البلاد قد وصلت إلى ما وصلت إليه، فإن المطلوب اليوم من ثوار فبراير أن ينفتحوا على من يرفضون فكرة «طهارة ثوار فبراير»، كما أن على من يرفضون فبراير أن يتفهموا أن أهداف فبراير في التغيير والتحول الديمقراطي السلمي والسليم هي مطالب كل اليمنيين، وإن أخفقت ثورة الشباب في إنجازها، حتى الآن. كما أن النظر إلى أن أحداث الربيع العربي- بشكل عام- يمكن أن تنتهي بإعادة الأنظمة القديمة لا يعني إلا شيئاً واحداً، وهو أن نسخة جديدة من «الربيع»، ستأتي، وربما بصورة مختلفة قد تكون أشد ضراوة. علينا- إذن- أن نسعى إلى ردم الهوة، وتعزيز الصف الوطني اليوم، والفرصة مواتية مع وجود انقلاب طائفي لم يترك حوله أي حليف، إلا الحليف الإقليمي الذي لا يخفي أطماعه في البلدان العربية، جرياً وراء أوهام الامبراطورية البائدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.