تطرقت في الأسبوع الماضي إلى ثقافة التصالح والتسامح الجنوبي تلك الدعوة التي ظهرت في العلن رسميا من جمعية ردفان في العام 2006م. وأسس على أثرها ملتقى التصالح والتسامح الذي شمل كل المحافظات الجنوبية بدأ من عدن وانتهاء بالمهره وقد حرص القائمون على هذه الدعوة على إشاعة تلك الثقافة بين كل الفرقاء الجنوبيين الذين طحنتهم وأوجعتهم كل مراحل النضال الجنوبي وما تلاها من العنف الثوري المدمر للأرض والإنسان وانتهاء بأم الكوارث 13يناير 1986م التي أنجبت فيما بعد حرب البسوس عام 1994م هذه الدعوة الجميلة في ظاهرها كانت في أمس الحاجة إلى كثير من المرتكزات والأسس الضرورية حتى تكون هذه الغرسة مطعمة بلقاح القيم والمبادئ التي غرسها فينا ديننا الإسلامي الحنيف لتنمو تلك البذرة حتى تصبح شجرة يانعة مخضرة يتفيأ ظلالها الجميع وينعم بثمرها كل البشر. ولن أخوض في التفاصيل الدقيقة والتي تحتاج إلى كتابات وبحوث أخرى منفصلة وربما قد تطرق إليها غيري من الكتاب وكل المهتمين بهذا الشأن ولكني في هذا السياق أود أن أعود لتاريخنا الإسلامي الناصع باعتبار أننا مسلمون ونحيا بدولة مسلمة يجب أن نتخلق بأخلاق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك المنهل العذب الذي يجب أن نستقي منه منهجنا وحري بنا أن نرجع لما قبل البعثة النبوية والى واقع يثرب حيث كانت القبيلتين الكبيرتين الأوس والخزرج إضافة إلى اليهود وكانت القبيلتين تعيشان صراعا داميا ل اتكاد تنطفئ ناره حتى تشتعل من جديد ولعل اليوم الأشهر بينهم هو يوم بعاث الذي كان من الأيام الدامية بين القبيلتين والذي كان لليهود اليد الطولى في تأجيج تلك العداوة حتى من الله عليهم بالإسلام وتحقق لهم التصالح والتسامح حقيقة عاشوها بينهم أكدها قول الحق سبحانه وتعالى(( واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها)) .
ذلك التصالح والتسامح والوئام الذي عاشه الأوس والخزرج لم يرق لليهود أولا لمافيه من قوة للقبيلتين بعد التصالح وثانيا لقطع شراء السلاح من اليهود بسبب انتهاء الحروب بين القبيلتين وكذا المنافقين فحاولوا استغلال أي مناسبة لتذكيرهم بما مضى حتى أرسلوا من يؤجج فيهم نار الكراهية ويذكر بما كان ويوم بعاث خاصة حتى كادت الفتنة تشعل بينهما وأوشك الأوس والخزرج يقتتلان لولا أن تداركهم رسول المحبة (( أبدعوى الجاهلية وانأ بين ظهرانيكم فأخمدت تلك الفتنة في مهدها سريعا.
تلك الحادثة ينبغي على الجميع فهم معانيها بكل جزئياتها لأخذ العضة والعبرة منها حتى لا ننساق وراء دعوات الجاهلية النتنة والتاريخ دوما يعيد نفسه فما أراد اليهودي إشعاله بين الأنصار في ذلك الزمن يعمل الكثير ممن يقومون بنفس الدور اليوم بمحاولة إثناء أبناء الجنوب عن السير في هذا المشروع ألقيمي الرائع . وحري بنا أيضا أن نتذكر في هذا السياق وفي العام 2000م تحديدا وفي مناسبة تشييع 3 شهداء سقطوا حينها في الضالع .نتذكر الشاعر المناضل علي حسين البجيري كأول من دعا إلى التصالح والتسامح الجنوبي بشعره الرائع الذي اطرب أسماعنا وألهب مشاعرنا بكلماته القوية النابعة من القلب والمستلهمة للواقع فقد كان شعره حاضرا في كل فعاليات ملتقى التصالح والتسامح الجنوبي وفي كل أنشطة الحراك الجنوبي ومهرجاناته. ومن اشهر ما قال في تلك المناسبة: للضالع الصامد تحية عاطرة من أبين الحرة مع أطيب سلام جيئنا من أبين عندكم يا أصحابنا في ثنايانا محبة واحترام واحنا معاكم كلنا في المعركة لما يبان الصبح من بعد الظلام الظلم وحدنا ووحد صفنا انتوا أهلنا وحنا لكم إخوة كرام ندفن جميعا ما مضى من بيننا صفحة جديدة والمخوة للأمام الأرض تجمعنا ويجمعنا هدف والود واجب والتسامح والوئام نحن غلطنا كلنا ماحد برئ انتم ونحن ماعلى واحد ملام واليوم وحد بيننا رب السماء من بعدها لا عنصرية وانقسام العفو وانتم مثلنا قولوا أسف على الشرف والجود نبني الانسجام