أيام فاصلة قليلة هي كل ماتبقى على موعد عقد اجتماعات جنيف المعنية بالتسوية في اليمن..أيام معدودة والحالة الجنوبية تراوح في ذات المكان إلا من حراك سياسي قامت به قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي مستبقة تلك الاجتماعات بلقاء المبعوث الأممي و السفير البريطاني في العاصمة الأردنية عمان وكأنها بهذه الخطوة المعلن عنها إعلاميا من جهة المجلس الانتقالي تبعث رسالة اطمئنان مفعمة بالأمل للجنوبيين ورغم ذلك لم تنجو تلك الخطوة من تشكيك وتضليل و للأسف الشديد من قبل بعض الجنوبيين و تحت يافطة حرية الرأي و النقد التي تتستر خلفها كثيرا من المواقف السياسية المبطنة والمشبوهة المعادية لحرية واستقلال الجنوب وان لم تظهر علنا. إنها لحظة حرجة جدا ، بل هي فارقة هذه التي تمر بها القضية الجنوبية و ألجنوب معا .. لحظة تتطلب منا إستيعابا لما تقتضيه ألضرورة الجنوبية و ألضرورة هنا هي مطلب شعبي وسياسي جنوبي ملح ؛ هي فعل ثوري مغاير يتم على الأرض وبما هو متاح من امكانيات وأدوات تجمع الجنوبيين و بإجماع لأراد له من خلال المجلس الانتقالي والمقاومة الجنوبية بدرجة أولى وذلك متى ما أظهر الأول تفاعلا مع ما يعتمل الآن في الشارع من تصعيد شعبي بدأت بوادره ملتهبة هذه المرة وباتجاه الحسم.
وهنا لابد من التريث قليلا وعدم الاندفاع بشعارات لان ستطيع تطبيقها أو حتى الوصول إلى الحد الأدنى من تنفيذها على أرض الواقع .. نعم إنني أعني فيما أعنيه أن نبتعد عن الارتجالية مع كثير من الحذر خاصة وقد اخذت تصل الى اسماعنا اصوات وأراء منها ماهو محلي ومنها أيضا ماهو عربي والتي تبدو في ظاهرها حريصة على المصلحة الجنوبية وانأ هنا لا أشكك في حسن نوايا اصحابها لكن التجربة علمتنا الحذر حتى لأنجد أنفسنا وقد دخلنا في "توديفه" جديدة تؤدي إلى القضاء على مأتم انجازة وتؤثر سلبا على مسار القضية الجنوبية في هذه اللحظات الفارقة بالذات.
لقد قلت لحظات فارقة وهي بالفعل لحظات فارقة هذا اذا تحمل الجنوبيون مسئوليتهم تجاه قضيتهم الوطنية الاولى وهي إستعادة الدولة الجنوبية دون سواها من مساومات يراد للجنوبيين أن يرضوا بها رغما عنهم ..هكذا أمر أصبح اليوم صعبا كون شعب الجنوب وثواره يسعون اليوم إلى أسلوب كفاحي جديد هو التمكين الشعبي في مواجهة تسويفات التحالف ضد شعب الجنوب.
نعم أنا هنا مع الرأي السائد اليوم في الشارع الجنوبي ونخبه انه لابد من التمكين الشعبي على كافة المستويات على الأرض الجنوبية و لكن كيف ؟! هذا هو ألسؤال و فيه تكمن عددا من الإجابات التي لابد أن تستوعب عمليا على الأرض وإرادة لا تلين ولا تهادن فيها وفاء لشهداء الجنوب وإرث الجنوبيين الذي ينبغي للتأريخ أن يقف أمامه اكبارا وإحتراما.
وإن أولى هذه الاجابات على مثل ذلك السؤال وكما أفهمه وينبغي أن يفهمه غيري أن التمكين في حق الجنوبيين في الحرية والاستقلال واستعادة الدولة لن يأتي عن طريق التشكيك في مصداقية الانتقالي ولا في غيره من المكونات الجنوبية الفاعلة وأن الحكم في ذلك هو الشارع الجنوبي ويضأ المبادرة الى الفعل الثوري المغاير الذي متى مأتم سيعطي باقي القوى زخما في التمكين ..إن اللحظة الراهنة تقتضي من كل المكونات والانتقالي في طليعتها وذلك بحكم التفويض الشعبي الممنوح له أن ترتقي إلى مستوى أداء هذا التمكين بالوعي السياسي وبكثير من العقلانية وقراءة الواقع قراءة صحية سليمة بعيدا عن التخوين والتهويل والهلس والانتهازية وغير ذلك نحاول أن نتخطاه بوعي الثوار وليس طلاب السلطة.
هنا حقيقة لابد من الاعتراف بوجودها وهي ان هناك مآخذ على الانتقالي من أهمها بأمانة أقولها وبكل صراحة وشفافية وهي وجود الانتهازية والتي يمثلها كثيرا من منتسبيه الذين مازالوا على عضويتهم الحزبية السابقة في أحزاب النظام اليمني المباد وهما المؤتمر والإصلاح والرشاد أو ممن عملوا ضد الإرادة الجنوبية وتطلعاتها في العهد السابق وفقدوا ثقة باقي الجنوبيين وهذه ينبغي أن يلتفت لها الانتقالي وأن يوليها جل اهتمامه وبمسئولية كبيرة لأنها هي الثغرة التي ينفذ منها كل أعداء الجنوب للنيل من الجنوب وقضيته العادلة ، نعم يستطيع الانتقالي متى ماكان جادا في توجهاته أن يعالج هذه الإشكالية الموجودة و بروح ثورية ودون الأضرار بمسار التمكين بل اني أرى أن ذلك فيه ضمانة سياسية أكيدة لانجاح ذلك المسار والوصول به إلى أهدافه المرجوة وبنجاح تام.
إن التمكين لن يكون إلا بقلب المعادلة على الأرض والتي هي اصلا لصالح الحق الجنوبي في مواجهة الصلف المستمر من قبل القوى اليمنية النافذة وأيضا تعنت التحالف العربي في تجاهل هذا الحق واستمراء استمرار إهانة الجنوبيين على أرضهم وفي خدماتهم العامة وأبنائهم الذين يستشهدون يوميا في قوام التحالف العربي وشراكتهم له في كل ماتحقق من نصر في الجنوب وحتى هذه اللحظة. آن التمكين بقدر ماهو خيار استراتيجي نحو الاعتراف بالحق الجنوبي كاملا هو أيضا خيار مفتوح على كل الاحتمالات غير السعيدة والتي ينبغي الإلمام بها من قبل المجلس الانتقالي وباقي المكونات الجنوبية و ليكن قرار التمكين والتصعيد الشعبي ثورة الجنوبيين الجديدة نحو تحقيق الانتصار.