تقرير / محمد حسين الدباء: أطلق الانتقالي رؤيته للحل السياسي في اليمن والتي قد تحرك المياه الراكدة وستزحزح الصخرة التي تمنع تدفق وجهات النظر بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو تغيير في الرؤية السياسية لحل الأزمة قد يذيب جليد الخلاف بين الجانبين منذ تشكيل الانتقالي وستدفع الطرفين للخروج بحلول قد ترضيهما إلى حد ما، خاصة وأن الشعب تاه في دهاليز هذا الصراع الذي مزقه وجعله تائها سياسيا (هل هو مع أم ضد؟!). الرؤية التي عرض رئيس الهيئة السياسية في المجلس الانتقالي الجنوبي ناصر الخبجي للحل السياسي في اليمن، حيث تمثلت ب(تشكيل حكومة مركزية انتقالية مناصفة بين الشمال والجنوب وحكومتين في الشطرين لإدارة البلاد)، وقال لوكالة (سبوتنيك): "رؤيتنا في هذا الاتجاه أن تكون خلال هذه الفترة إدارة انتقالية مركزية بالمناصفة بين الشمال والجنوب ومزمنة لفترة محددة وحكومة في الشمال وحكومة في الجنوب، حكومة في الشمال لإدارة الحرب وتبعاته وحكومة في الجنوب تدير إعادة الأعمار والخدمات والأمن".. مضيفا أن "حكومة انتقالية مركزية لإدارة القضايا المشتركة بين الشمال والجنوب وتهيئة الأمور للانتخابات والاستفتاء والدستور وشكل الدولة". وأشار عضو المجلس الانتقالي إلى أن "ما يطرح الآن من قبل المبعوث الأممي عن دستور و انتخابات أنها قضايا صعب التحدث عنها في ظل الحرب هذه".. مضيفا "نحن لا نبحث عن السلطة، ولا نريد أن نحكم الشمال، نحن نريد أن نعود إلى دولتنا دولة الجنوب، نحكمها بالطريقة التي يقررها شعب الجنوب وهذه تطلعات وخيارات شعب الجنوب وليس المجلس الانتقالي لوحدة". وشدد الخبجي على أن "الصراع في اليمن يدور حول قضيتين القضية الأولى هي قضية شعب الجنوب والقضية الأخرى حول الحكم والسلطة، والصراع الموجود في اليمن حاليا هو حول من يحكم ومن يتسيّد والقوى المتصارعة الآن هي قوى الحوثي والإصلاح وهي قوى دينية الأولى شيعية والأخرى سنية وكذلك المؤتمر الشعبي العام الذي يقال إنه حزب معتدل وسطي وهذا (كذب) وليس صحيح هذا الكلام، فالمؤتمر امتداداته قبلية عسكرية ودينية". ورؤية الانتقالي خلقت ردود أفعال مختلفة من قبيل صحفيين وسياسيين ما بين مؤيد ومعارض وكل منهم أدلى بدلوه نوجز أهمها فيما لي: مبادرة الانتقالي منطيقة في وقت غير منطقي ! وعلق الصحفي المعروف صلاح السقلدي علة رؤية الانتقالي السياسية مسميها (مبادرة الانتقالي) حيث قال: "مبادرة منطيقة في وقت غير منطقي ورسالة قد يُساء فهمها من الأطراف المحلية والدولية...". واستعرض صالح السقلدي ملخصا كل وردَ في المبادرة السياسية التي أطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي على لسان رئيس الدائرة السياسية للمجلس د. ناصر الخبجي لحل القضية الجنوبية والأزمة اليمنية برمتها فيما يلي: "1- تشكيل حكومة مركزية انتقالية مناصفة بين الشمال والجنوب وحكومتين في صنعاء و عدن لإدارة البلاد. 2- تكون خلال هذه الفترة إدارة انتقالية مركزية بالمناصفة بين الشمال والجنوب ومزمنة لفترة محددة، وحكومة في الشمال و أخرى في الجنوب، حكومة في الشمال لإدارة الحرب وتبعاته وحكومة في الجنوب تدير إعادة الأعمار والخدمات والأمن. 3- الحكومة الانتقالية المركزية ستكون لإدارة القضايا المشتركة بين الشمال والجنوب وتهيئة الأمور للانتخابات والاستفتاء والدستور و شكل الدولة". وأضاف السقلدي "هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها المجلس الانتقالي الجنوبي عن هذا النوع من الحلول والمبادرات للقضية الجنوبية منذ إعلانه في 4 مايو 2017م وهو الذي حرص على التمسك بفكرة استعادة الدولة الجنوبية بشكل كامل دون تقسيط .. فهذه المبادرة متشابهة إلى حد التطابق مع المبادرة التي أطلقها مؤتمر القاهرة الجنوبي وبالذات لقاءه الثاني بقيادة الرئيسين علي ناصر محمد والعطاس وآخرون". ووصف السقلدي المبادرة – كما يسميها – بأنها كانت مفاجئة بقولة: "مبادرة الانتقالي هذه كانت مفاجئة للكثيرين من المراقبين، لم نكن نود أن تصدر من الانتقالي الجنوبي، ونفضّل أن يترك مثل هذا النوع من المبادرات أن تأتي من جهات وشخصيات جنوبية أقل سقفاً من سقف الانتقالي ومجالس الحراك الثورية الجنوبية – على الأقل وفق منطق عدم وضع البيض كله في سلة واحدة- فالتمسك بفكرة استعادة الدولية الجنوبية ورفض أي مبادرة أو مشروع يأتي بخلاف هذا أو أقل من هذا السقف هو الضمان وصمام أمان للظفر بالحد الأدنى من التطلعات الجنوبية، والتخلي عن هذه الفكرة ستؤدي بكل المبادرات التي ما دونها إلى الفشل والخيبة, وبالتالي لن يحصد الجنوب في أحسن حال أكثر من مشروع الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وستمرر فوق جثة قضيته مشاريع خطيرة ستقضي بالمحصلة النهائية على الجنوب القضية الجنوبية إلى الأبد مثل مشروع الستة الأقاليم". وأكد السقلدي أن هذه المبادرة تعد نكوصا وتراجعا عن الهدف الأسمى الذي يحلم الجنوبيون بتحقيقه مستبعدا أن يكون هناك اتفاق مع قوى إقليمية ودولية أو حتى داخلية، بقوله إنه: "سيتم فهم (المبادرة) من كل القوى اليمنية والمجتمع الإقليمي والدولي على أنها نكوص وتراجع - ولو غير مباشر - من جنوبيين عن الهدف المعلن (استعادة الدولة الجنوبية) أمّا أن كانت هذه المبادرة قد تم أطلاقها بالتشاور مع أطراف إقليمية ودولية وداخلية وفي ظل ضمانات على التقيد بها، فهنا سيكون الأمر مختلفا - مع أننا نستبعد أن شيء من التنسيق والاتفاق هذا قد حصل". بيننا الصندوق !! ومن جانبه هاجم القيادي في الحراك الجنوبي عبد الكريم قاسم رؤية الانتقالي بألفاظ وتعابير عصبية قاصية إلى حد ما، حيث قال: "قالوا سقفه واطي، كل ما يجي منهم مقبول، أهم شي منهم، وغيرهم خائن وعميل ومرتزق".. متحديا "دولة اتحادية من ستة أقاليم واللي ما يعجبه الصندوق بيننا". وأكد القيادي قاسم أن المشروع السياسي الذي طرحه عضو المجلس الانتقالي ناصر الخبجي كان قد طرحه الرئيس علي ناصر محمد قبل سنوات.. مشيرا إلى أن مشروع علي ناصر رفض من قبل البعض لاعتبارات مناطقية على ما يبدو. الخبجي وخطة إنقاذ الانتقالي ! وأكد الإعلامي نبيل عبدالله أن رؤية الانتقالي مجرد مخدر موضعي لمؤيديه "الذين تكفيهم كلمة سمرقع وخبر واهي وصورة احترافية سرعان ما ينتهي مفعولها ليجد المجلس الانتقالي نفسه عالقا يدور في دائرة مغلقة".. مؤكدا أن رؤية الانتقالي حظيت "خلال دقائق بتأييد قطاع واسع من من تم إيهامهم أن هناك تحول تاريخي مدعوم لإدارة الجنوب". وحكم نبيل على مبادرة الخبجي بأنها ستورط الانتقالي مشيرا إلى أن على الانتقالي يفكر كيف سيلهي مؤيديه حتى ينتهي دوره بقوله: "لن تنجح مبادرة الخبجي في إنقاذ الانتقالي وسيبقى بورطته وعليه أن يفكر بأي شيء يلهي مؤيديه حتى ينتهي دوره أو تأتي تسوية سيشارك فيها كجزء من الوفد الجنوبي فقط !". حكومتا صنعاءوعدن .. ما لونهما ؟! وقال كاتب عبد الله جاحب: "يبدو أن جميع الأطراف في الأزمة اليمنية قد أيقنت أنه لا خروج ولا حلول ولا مخرج إلى بر الأمان وشاطئ النجاة إلا بحكومة مركزية تدير الدفة (خارجيا) وتتمشى مع المتغيرات والمعطيات والمصالح الدولية والإقليمية" .. مشيرا إلى أن "لا بديل للداخل إلا بإرساء حكومتين في الشمال والجنوب والاستسلام لسياسية وفرضية (الأمر الواقع) وجغرافيه الأرض والتمدد فيها". وأكد جاحب أن "تلك الخيارات أصبحت تلوح في الأفق السياسي بين القوى المتصارعة وأضحت تفوح روائحها في سماء الأزمة اليمنية، وقد يكون ما يعيق تنفيذها بعض الشوائب وقليل من المنغصات التي تكمن في كيفية شكل ولون تلك الحكومة المركزية خارجيا والحكومتين في الداخل الشمالي والجنوبي". أشار جاحب إلى أن الثقل السياسي والحضور العسكري سيكون له الدور القوي على الرقعة الجغرافية والعنصر الجوهري في شكل تلك الحكومة (المركزية). ووضع جاحب علامة استفهام مهمة وحول حضور ودور الحكومة المركزية.. مؤكدا أن حضور وتواجدها سيكون له النصيب الأكبر والحضور الأبرز مما قد يضعف حضور الحكومتين الشمالية والجنوبية.. مشيرا إلى أن تشكيل الحكومة الشمالية سيكون أكثر صعوبة من الحكومة الجنوبية نتيجة الزحام الحاصل في التواجد المهول من القوى المتصارعة على أسوار صنعاء هو صراع التسيد والهيمنة الحوثية والمنافسة الإخوانية والموتمرية، أما الحكومة الجنوبية سيكون حضورها أكثر استقرار وحضور وإن وجدت بعض المنغصات التي قد لا تكون عائقا جوهريا في شكل الحكومة الجنوبية، وقد يساعد تمدد وحضور المجلس الانتقالي في الجنوب على إزالة كثير من المنغصات نتيجة لسياسيه الأمر الواقع على الأرض وتكثيف تحركاته في الآونة الأخيرة وصولاً إلى أقصى الشرق في الجنوب. وتساءل جاحب قائلا: "هل أيقن الانتقالي أن مشروع الانفصال في الجنوب غير قابل للتطبيق ؟!" .. مؤكدا أنه لابد من مواكبة والسير مع الواقع والمجتمع الدولي والإقليمي الذي قد يكون أمن بحتمية انتهاء الوحدة ولكنه لا يؤمن بتطبيق مشروع الانفصال ولذلك قد يكون المجلس الانتقالي انتبه لتلك الجزئية التي تغافل عنها طيلة الفترة الماضية.. مبينا أن الكثيرين يرون أن المجلس الانتقالي بتلك الرؤية قد استوعب متطلبات المرحلة وأيقن صعوبة تطبيق مشروع الانفصال في المرحلة الحالية. وذكر جاحب أن المبادرة استبعدت الحكومة الشرعية بقوله: "ما يلفت الانتباه في سرد وتفصيل تلك الرؤية استبعاد الحكومة الشرعية من فحوى تلك الرؤية وإلغاء حضورها وتواجدها في قادم المرحلة ورسم ملامح ومعالم قوى الانقلاب والإخوان والمؤتمر الشعبي العام" .. مشيرا إلى أن المبادرة استبعدت عودة هادي إلى صنعاء.